يعد التحصيل الدراسي للأبناء الشغل الشاغل لمعظم – إن لم نقل لكل – الأسر.. ومن المسلّمات التي لا جدال فيها أن الطلاب يختلفون بمستويات الذكاء والقدرة على التعلم والإقبال عليه.. ولعل من أهم أركان زيادة التحصيل لدى الطلبة هو التعاون الفعال والمثمر بين أولياء الأمور والمدرسة للوصول بأبنائنا إلى أفضل المستويات.. ويعد التشجيع على المواظبة وقبول اليسير من الأبناء من أهم أركان هذه العملية.. ومما يلحظ للأسف الشديد هو أن بعض الأسر لا ترضى لأبنائها في حالة عدم القدرة على الوصول إلى مستويات عالية دون أن تبحث الأسباب الواقعة وراء تقصيرهم أو ضعف مستوياتهم، والأنكى من ذلك هو عملية المقارنة التي يقومون بها بين أبنائهم والطلاب الآخرين فنجد السؤال الكلاسيكي: ((لماذا حصل فلان على درجة كذا ولم تحصل أنت على الدرجة أو درجة أعلى منها ؟!! إذن هو أفضل منك وأكثر اجتهاداً !!)) ولعل الفرق يكون خمس درجات أو أقل.. وبناءً على ذلك يعتبرونه غير كفئ من الناحية العلمية.. وتحفل الذاكرة بالعديد من المواقف التي تثير العجب وأغربها ما أقصه عليك في الأسطر التالية، فطالع وتأمل أيها القارئ الكريم :
كان صديقي ذا ذكاءٍ وقّاد.. فهو الأول على صفه دائماً وكان محبوباً من كادر معلمي المدرسة جميعاً لسمو أخلاقة ومستوى علمه، أكمل الابتدائية والتحق بالمتوسطة التي كان خاله معاوناً لمديرها.. وهنا بدأت الطامة الكبرى، فرغم استمراره على المستوى ذاته علماً وأدباً حيث لم تكن درجاته أدنى من 95% إلا أن خاله كان دائماً يردد بازدراء قوله المقيت: "هنالك من هو أفضل منه في شعب المدرسة الأخرى"، وبناءً على هذا لم يكن صديقي مرضياً عند أهله ويسمع منهم أقسى أنواع التأنيب ويتحمل نظرات الغضب والامتهان بل - ورغم إعفاءه من أداء الامتحان النهائي في كل الصفوف غير المنتهية - وصفوه مراراً وتكراراً بالمهمل الفاشل الكسول!!
في الواقع قصة تزخر بالألم.. فطالب كهذا يستحق كل تقدير واحترام بل هو مصدر فخر لأساتذته وعائلته ومع هذا ولفرق بسيط بين درجاته ودرجات أقرانه- وهو نادراً ما يحصل- يوصف بهذه الأوصاف التي لا يتسم بها إلا من كان من المهملين من أصحاب الدرجات البائسة جداً.. وبعد هذا نسأل هل سيصبح للعلم قيمة في نظر هذا الطالب وهل سيكون ذا ثقة بنفسه وقدراته؟! والإجابة واضحة كالشمس في رابعة النهار، فلنتقِ الله في أبنائنا.
صادق مهدي حسن
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري