التقيت بإحدى النساء الكبيرات بالعمر ؛ وأخذنا الحديث معها بأبواب شتى للاستفادة من تجاربها الكثيرة بالحياة وكأنها صندوق كنز يحوي الكثير من الخبرات والعبر والعظات , حيث كنت أستمتع في الحديث عن ذكريات الماضي بإحداثه التي لطالما استغرقت بسماعها . ووصل بي الحديث معها لباب صعوبة العيش وشظفه في زمنهم السابق وخاصة للمرأة وهي تلتزم عمل البيت والأطفال بكل التفاصيل مع تحمل معظم المسؤولية وكثرة الأولاد ؛ ووجدتها تجيب وهي تأخذ حسرة طويلة " يا ليت بقت أيام زمان على حالها "...!

وتعجبت من ردها ذلك ونحن نرفل الآن بأنواع التكنولوجيا والسفر والقدرة المادية وحرية العمل للمرأة و و و.... سألتها عن السبب فقالت لقد انهمرت الأموال لكن شحت الأخلاق والحياء والدين ؛ وأضافت كانت بيوتنا بيت واحد وعوائلنا عائلة واحدة رغم شحة الأموال والموارد . والقرية كلها كجسد واحد إن تألم له عضو اشتكى سائر الجسد بالسهر والحمى . وبقيت اسرح معها بكلماتها التي نقلت لي فيها صور الاحسان مع قلة المورد وأخذت اردد عشرات بل مئات الأسئلة في بالي لماذا ابتعدنا عن العفة والنجابة تلك ...؟ وهل يكون شكر النعم من الله ان نستعملها بمنافع شخصية فقط ونترك النفع العام...؟ ولماذا نأخذ من التطور قشوره الزائفة ونترك لُبه ؛ اللباب بالحشمة للمرأة...؟  هذا بالإضافة إلى عدم مراعاة الكسب الحلال لبعض الناس فهو كلما زادت موارده المادية تطلع الى من هو اعلى منه معيشة وأراد الأكثر وترك المحتاج يرزح تحت وطاءة الفقر بل حتى يمتنع البعض عن أداء الحقوق لأنها قد تنقص من دخله شيئا...! فإلى أين يقودنا انهمار الأموال تلك ...؟  نعم هنالك بعض التطورات التي سهلت لنا أمور عدة لكن نبقى ونأمل أن نتحلى بالأخلاق وأدب وعفة التعامل مع كل زيادة وارد مالي لنا فقيمة الحياة بجوهرها وحتما المادة ليست أكثر من وسيلة للتعايش مع الحياة وبها أو بدونها يمكن أن نكون بمنتهى الذوق والجمال وأن نحيى الإنسانية بأرقى معانيها ....

 

زهراء حكمت