عجوز وقفت على اعتاب العقد الثامن من عمرها رسمت السنين خيوطها على وجهها واعياها المرض حتى فقدت بصرها وثقلت خطواتها، لكنها اصرت على المسير الى كربلاء رغم كل ما فيها، مثيلتها مسنة شارفت على الثمانين من العمر جلست تتكأ على عصا وهي تتمتم بينها وبين نفسها " ناخيتك يا الحسين لا تفشلني"، صور مختلفة لحالات متشابهة لديهم اسباب تعطيهم العذر في عدم المسير الا انهم لا يستطيعون مقاومة العشق الحسيني فداسوا على الاسباب وصعدوا الى العلياء.
العمى والمرض
جميلة حسين التي وضعت قدمها على عتبة العقد الثمانين تقول" هزل الجسم واقعدني المرض وفقدت البصر الا انني ومنذ سقوط الدكتاتور اسير الى قبلة الاحرار، لأشارك الزائرين في احياء ايام الحزن على ابي الاحرار"، مضيفة ان "لها بنت واحدة متزوجة وليس لديها اولاد فاعتمدت على جارتها لتقود الكرسي المدولب لقطع مئات الأميال الى كربلاء المقدسة"، حاولنا التخفيف عنها بالسؤال "لماذا تسيرين وانتِ معذورة لأنك عمياء ومريضة؟"، فلطمت وجهها وضربت رأسها وصاحت " وزينب ياهو اللي يواسيها وياهو اللي يبجي وياهه"، وتيقنا انها تحمل عشق حسيني عجيب، واصرار على تحدي كل شيء لأداء مراسيم الزيارة بالسير الى قبلة الاحرار".
اتعكز بعشق الحسين
صورة اخرى عجيبة للعشق الحسيني تمثل في العجوز "ام جاسم" التي تجاوز عمرها العقد الثمانين، فهذه العجوز جلست على كرسي قرب احد المواكب وهي تتمتم بكلمات فدفعني الفضول لسماع ما تقول وعندما اقتربت وجدتها تقول" " ناخيتك يا الحسين لا تفشلني"، وعند سؤالها عن سبب التوسل بالحسين "ع"، اجابت نعيمة كاظم انها " تسير الى قبر ابي الشهداء الامام الحسين كل عام، وهذا العام عجزت عن السير لمسافات طويلة بسبب كبر سنها والآم المفاصل، فمنذ ثلاثة ايام تخرج من دارها وتصل الى مسافة من المسير فتتعب وتعود الى دارها وكررت المحاولة مرتين فقطعت مسافات ابعد من المرة الاولى، وهي مازالت عازمة على المضي بالمسير رغم كل شيء.
ام جاسم اكدت ان النساء اكثر استشعاراً بالألم والحزن على مصيبة الحوراء زينب بقولها " احنه وحدتنه اذا بقت ابيتهه هي وجهالهه تخاف الليل كله ما تنام، جا شلون حال زينب وهيه بدون والي ولا كفيل ويفرون بيهه من بلد لبلد".
قاسم الحلفي
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري