في هذا الحديث الشريف، يلخص الإمام محمد الجواد (عليه السلام) ركائز أساسية يحتاج إليها المؤمن في مسيرته الدينية والدنيوية والعلمية والمهنية، وهي ثلاث صفات جوهرية تُعينه على الثبات والنجاح في الحياة:
أولًا: توفيق من الله
يشير الإمام (عليه السلام) إلى أن التوفيق الإلهي هو الركن الأول الذي لا غنى عنه للمؤمن، فليس السعي وحده كافيًا، ولا النية وحدها توصل إلى الغاية، ما لم يُؤيَّد الإنسان بعون من الله وتوفيقه، وقد عبّر القرآن الكريم عن هذه الحقيقة بقوله تعالى:
﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88].
فالإخلاص في القصد والتوكل على الله هما السبيل لنيل التوفيق، كما جاء في دعاء الصباح عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
"إِلَهِي، إِنْ لَمْ تَبْتَدِئْنِي الرَّحْمَةُ مِنْكَ بِحُسْنِ التَّوْفِيقِ، فَمَنِ السَّالِكُ بِي إِلَيْكَ فِي وَاضِحِ الطَّرِيقِ"
ثانيًا: واعظ من نفسه
الخصلة الثانية التي أشار إليها الإمام الجواد (عليه السلام) هي أن يكون للإنسان واعظ من نفسه، أي أن يربي ضميره على النصح والتقوى، فيحاسب ذاته، ويوجهها، ويمنعها من الوقوع في الخطأ، فالنفس اللوامة هي دليل الخير، ومن أحيا ضميره فقد ضمن حارسا داخليا يرشده إلى الصواب.
وقد عبّر أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أهمية هذا الواعظ الداخلي بقوله: "مَن كان له في نفسه يَقَظَةٌ، كان عليه من الله حَفَظَة"
فطوبى لمن وعى نصح نفسه، فاستقام على طريق الحق، فذلك هو داعية الله في قلبه دون أن ينطق.
ثالثًا: قبول ممن ينصحه
أما الركيزة الثالثة، فهي أن يكون الإنسان منفتحًا على النصيحة، قابلًا لها من الآخرين، ما دام الناصح عاقلًا ومُدركًا، فقبول النصح علامة تواضع وحكمة، ومفتاح للنجاة من أخطاء الطريق.
وقد قيل: "ما أكثر الناصحين وما أقل من يعتبر"، لذا كان من الضروري أن يكون المؤمن أذنًا واعية، تستقبل الحكمة، وتنتفع بالتجارب، وتحذر من العثرات.
بهذه الخصال الثلاث: التوفيق الإلهي، والواعظ الذاتي، والانفتاح على النصيحة، يبني المؤمن شخصية متوازنة تسير بثبات نحو رضا الله والنجاح في الحياة.
المرفقات

واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري