فاطمة الموسوي
امرأة اختارت سبيل الإنسانية لتخطو فيه خطواتها بثبات وإصرار على رسم الابتسامة على وجوه الأيتام, وتحرير الأطفال من قيود الأمراض المستعصية, والبحث عن بارقة أمل تفتح فيها للفقراء ألف باب من الخير والعطاء, سيدة تحلت بخصال الرحمة فكانت يدا بيضاء ممدودة بالحب تحمل فيها بذور أمنيات المحتاجين لتحقق ما أعانها عليه الله جل شأنه.
بدأت القصة منذ ثمان سنوات حينما بادرت مع أختها بجمع مبلغ من المال لتكفل أحد الأيتام (أبني باقر) كما تعبر على حد قولها على أي طفل تصادف ملامحه قلبها المكلل بالطيبة. ومنذ ذلك اليوم ومشروعها الإنساني بدأ يخطو بثبات نحو التكامل والازدهار ليس في عالم الأيتام المشوب بالحرمان والفقد بل حتى في عالم مرضى السرطان المقرون بالوجع وانتظار الأجل. فكان لها دور عظيم في إنقاذ حالات ليست بالقليلة عن طريق جمع التبرعات من الناس الذين يتفاعلون معها بمسؤولية نابعة من متابعتهم لعملها الدؤوب والنتائج المذهلة التي تغير مسار حياة أطفال أنصفهم القدر ووضعهم في طريق هذه المرأة التي تضج بالأمومة .
ثلاث حروف يمكن أن تترجمها الرحمة فتحيل الألم إلى أمل وهذا ما حدث مع الطفلة ضحى ذات الأربع عشرة سنة المصابة بالسرطان من أهالي الحلة التي حال بينها وبين الموت قدر جميل وهو تبني حالتها والاهتمام بها من قبل فاطمة الأم. حيث أخبرها الطبيب المشرف على حالة الطفلة بأن مصيرها الموت وأن لا تعذب نفسها بأمل مستحيل. ألا أنها لم تكف عن الاعتقاد بلطف الله وقدرته على رد هذه الطفلة سالمة كي تمارس حياتها الطبيعية وفعلا لم يخيب الله حسن ظنها به واليوم ضحى تتنعم بوافر الصحة مقبلة على حياة كان من الممكن أن تفارقها لولا حملة (لننقذ ضحى) التي جمعت فيها مبلغ علاجها في الهند وبدعم من المرجعية الرشيدة بمبلغ 2000 دولار حيث تم علاجها على مدار سنتين حتى تماثلت للشفاء وعادت فراشة جميلة تلهم من يسمع بقصتها أن يبادر بإنقاذ حياة أطفال آخرين.
لا ينتمي النشاط الإنساني للموسوي لأي جهة حكومية أو جمعية إنسانية فما تقوم به من مساعدات ودعم هو جهد فردي وبمساعدة الأهل الأصدقاء. حيث تعتمد على مجالها الإعلامي كونها صحفية حيث يمكن توظيف ذلك في تحفيز الناس وتشجيعهم على مساعدة الآخرين ولا سيما استخدام صفحة الفيس بوك لنشر الحالات الإنسانية مشفوعة بالصور ومن خلال التعليقات والتفاعل الحي تمكنت الموسوي من مساعدة عوائل كثيرة حيث وفرت سكن للكثير من المشردين وعلاج لحالات عديدة من المرضى وترعى عدد من الأيتام الذين هم قرابة 400 يتيم وكفالة ما يقارب 100 يتيم ومن بينهم الطفل زين العابدين الذي تيتم وهو في جوف امه حيث كانت حامل فيه بالشهر السابع حينما استشهد والده الذي كان في صفوف الحشد المقدس فشملته برعايتها منذ شهره الأول. كما يشمل نشاطها على بناء واصلاح سقوف بعض منازل الفقراء وتوفير لهم مبردات الهواء والثلاجات والمدافئ والبطانيات. كما تساهم في توفير العلاج لمرضى السرطان كونه مكلف جدا. وتوزيع سلات غذائية خصوصا في شهر رمضان حيث وصل عدد السلات الموزعة في شهر رمضان الماضي إلى500 عائلة .
تمتد نشاطاتها الإنسانية إلى إقامة الحفلات الترفيهية للأطفال في أماكن راقية تزامنا مع بعض المناسبات الخاصة بهم لتدخل على قلوبهم البهجة والسرور. كما تقوم بإلقاء محاضرات توجيهية في مدارس الأيتام من أجل دعمهم تنمويا وفكريا. وقد تم تكريمها؛ كتعبير ضئيل عما تستحقه هذه الإنسانة الدائمة العطاء حيث تم منحها شهادة الدكتوراه الفخرية في تاريخ 17/4/2017 وقد لا تعبر هذه الشهادة سوى عن جزء يسير من استحقاقها إزاء زخم عطاءها .
إيمان كاظم الحجيمي
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري