تجلس تحت ظل صديقتها النخلة، تنظر من بعيد لإبنتها الواقفة على (التنور) تشجره، تلتفت لإبنها هناك يحرث الأرض، وآخر يأتي من بعيد يحمل لها سلال التمر، تتأمل فيهم ها هم أبناءها حلمها الذي رسمته بهم، ذخرها لكبر سنها، من يحملوها يوما على أعناقهم، تصب دمعة حارقة على خدها الذي رسم العمر فيه نكباته، تفتح عينها لتلغي ذلك الحلم الكاذب الذي طالما تمنته لتنظر الى ابنتها ذات العقد الثلاثين تركض وراء حشرة صغيرة تراقب حركتها كيف تسير عندما طارت تلك المخلوقة بدأت نوبة البكاء ركضت اليها تحاول اسكاتها ودموعها تروي حسرة على عقل ابنتها الطفولي، تسمع صراخ من بعيد تعرف ذلك الصوت هذا صراخ ابنها (ربيع) الذي تعدى عمره عقله بكثير فهو لا يختلف عن أخته يصرخ فرحا باصطياده لطائر صغير يضغط عليه بكلتا يديه يكاد يقتله هبت له مسرعة حاولت أخذ الحيوان منه، أما (سالم) فلم يسلم عقله مثل اسمه بل كان أكثر أخوته جنونا فدائما هو مقيد بحبل الى الأرض كيلا يؤذي أحد، ولصغيرها مهدي قصة ألم تذكرها كان تنذر وتتمنى أن لا يكون مثل إخوانه لكنه خيب أملها وراح يقضي عمره بعقل طفولي، تنظر اليهم حولها يلعبون كالأطفال هم أطفالها الكبار اعتادت على رائحتهم، على حروفهم الغير مفهومة، على اصواتهم الرجولية تنظر إليهم واحد بعد الآخر وتعود الى ذكرياتها لتذكر أول حمل لها عندما جاء موسما من الطعام المسمم واللحوم كذلك فكانت أزمة طعام بالرغم من كل ذلك سعى ابو حيدر (زوجها) على أن تحصل على غذاء صحي، تذكر عندما أصابتها نوبة (ارتعاش) (رجفة)، عندما ولدت الطفلة كانت نموها طبيعيا الا انها لا تتكلم بسهولة وسيرها بطيء، وكانت مع كل حمل تصيبها تلك النوبة وتجلس تدعو أن يكون إبنها سليما وما إن تفرح بطفل حتى ترى وزنه ينقص وحركته ضعيفة ليضاف الى قائمة خيبتها، لم ترسلهم الى مصحة عقلية، ولم ترض بأن يفرقها أحد عن أطفالها، فقلبها يسع احتياجاتهم بالرغم من عدم اتساع صحتها لذلك لم يتركها أن تتخلى عنهم، يومها لا ترى فيه نور إن لم ترَ وجهوهم ولم تسمع أصواتهم
فرسمت في اولادها الاربعة طريق جهاد لا ينتهي إلا أن شاءت مشيئة الله بإعلان نهايته فكانت رحلتها فيه رحلة تستحق عليها درجة الامتياز.
ضمياء العوادي
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري