من المؤكد أن الثبات على المبادئ يساعد في الحفاظ على النزاهة والشرف الشخصي، قد تكون القرارات الأخلاقية الصحيحة صعبة في بعض الأحيان، لكن الثبات عليها يعزز قوة الشخصية ويكسب احترام الآخرين، فإن الثبات على دين الله، وعدم الانحراف عنه يمينًا أو شمالًا، والوقوف مع الشرع وتحكيمه، هو النجاة في الدنيا والآخرة، وهو السعادة الحقيقية، والهدف المنشود لتوفيق الله، إلى الجنة والنجاة من النار.
ثبات الحر الرياحي يمثل مثالاً قويًا على الثبات والمبدئية في الحياة، حيث اختار الانضمام إلى الحسين بن علي والوقوف إلى جانب الحق، رغم أنه كان قائدًا في جيش يزيد بن معاوية. كان قراره هذا نتيجة تأمله ومراجعة مواقفه الأخلاقية والدينية، وهو مثال على كيفية التمسك بالمبادئ حتى في أصعب الظروف، جسّد الحر أروع نموذج للضمير الإنساني الحي والإرادة الحرة الواعية بانتقاله من خندق الظلام إلى ساحة النور، وخروجه من حياة العبودية إلى طريق الأحرار، فأصبح رمزًا من الرموز الإنسانية الخالدة ومثالًا يُحتذى به في سلوك الإنسان وتمسكه بالقيم العليا والمبادئ المثلى.
من الطبيعي أن تكون للبيئة والوراثة أثر كبير على سلوك الإنسان، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار تاريخ البيت الذي ولد فيه الحر نجد أنه ليس غريبًا أن يتخذ ذلك القرار الخالد الذي وضعه في مصاف العظماء، وحاز على شرف الدنيا ونعيم الآخرة، وأصبح مثالًا حيًّا للمروءة والنبل حينما آثر أن يقف مع الحق ويضحي بنفسه في سبيل ذلك على مؤازرة الباطل والركون إليه في حياة قصيرة مصيرها إلى الزوال، فاشترى بنفسه الحرية في الدنيا والسعادة في الآخرة، ولد الحر في بيت تشرق في سمائه شموس العز والشرف والبطولة، ولهذا البيت سجل حافل بالمآثر والمناقب التي توارثها الأبناء عن آبائهم، في تلك الأجواء التي تزخر بالنجوم، شعّ إلى الوجود نجم الحر بن يزيد بن ناجي، فورث من أجداده الأخيار الصفات التي أهّلته لأن يتزعّم قبيلته ويصبح من أشراف الكوفة وساداتها وأبطالها المعدودين، وأن يصبح رمزًا من رموز واقعة طف كربلاء الخالدة.
الثبات والمبدئية في الحياة
الثبات على المبادئ يعزز من قوة الشخصية ويدعم النزاهة الفردية، حيث يمكن للأشخاص الذين يتمسكون بقيمهم أن يتصرفوا بثقة ويكتسبوا احترام الآخرين، المبدئية توفر أساسًا أخلاقيًا صلبًا لاتخاذ القرارات، مما يساعد الأفراد على مواجهة التحديات واتخاذ الخيارات الصعبة بوضوح وثبات، علاوة على ذلك، الثبات على المبادئ يساهم في الاستقرار النفسي والرضا الذاتي، إذ يشعر الأفراد بالسلام الداخلي عندما يعلمون أنهم يعيشون وفقًا لما يؤمنون به، كما أن الأشخاص المبدئيين يتركون تأثيرًا إيجابيًا على المجتمع من خلال كونهم قدوة حسنة، مما يعزز بناء مجتمع قائم على القيم والأخلاق. وأخيرًا، التمسك بالمبادئ يساعد الأفراد على تحقيق أهدافهم طويلة المدى، حيث يدفعهم التزامهم بالقيم للعمل بجدية واستمرارية نحو تحقيق تلك الأهداف. في الختام، الحياة المبدئية والثبات على القيم الأخلاقية ليسا مجرد فضائل شخصية، بل هما عناصر أساسية لتحقيق حياة ناجحة ومستقرة ومؤثرة بشكل إيجابي على المجتمع ككل، قصة الحر الرياحي تعلمنا أن الثبات على المبادئ يمكن أن يكون صعبًا ولكنه دائمًا يستحق العناء. إنها تذكرنا بأهمية التمسك بالقيم الأخلاقية والقرارات الصحيحة، حتى في وجه التحديات الكبيرة.
المرفقات
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري