عالمُ المرئيات، هو عالمنا الذي لا يُكلّف شخوصهُ عناء الانخراط في فحوى الأصول في ظل إبداء الفروع تواصلاً يقلُّ في معظمهِ عن الستين ثانية لكنُّه يتكفلُّ بإيرادات الأفكار والمعتقدات في العقل العربي و النسوي حصراً.
فقد أجادَ عصرُ السرعة حضوراً بمعناهُ الحرفي في كل تفاصيل الواقع المجتمعي بهيئتهِ الملموسة والافتراضية، بدءاً من التفاصيل اليومية، كاجتماع أسرة في ظل مائدة حميمية أو حوارٍ يخلو من الأجهزة المباغتة أو حتى فكرةٍ تستغرق كتابتها صفحة واحدة لا أكثر والتي أصبحت في مجملها مُختصراتٍ تخلو من الإسهاب ليتمكنَّ الشارعُ بعدها من أن يضغط زر Next.
فأصبحت الآراء السياسية والقضايا الاجتماعية وحتى الدينية منها، محتوى رائج يستخدمهُ روّاد السرعة لرفع المشاهدات والمتابعات لئلا تتوقف لديهم العجلة فيخرجوا من مسرح الآنيّة بلا دور يضمنُ لهم لقب مُعاصري الترند.
فبات هذا المفهوم الثلاثي (المرئيات، السرعة والرواج) نظارة العصر والتي يستخدمها الجيل الصاعد لرؤية أولوياتهم وأفكارهم وحتى مُعتقداتهم التي رسمها العدو بريشتهِ الناعمة والملساء مُستخدماً مكانة المشهورين كمصدرٍ لا غُبار عليه من قبل المُشاهدين، فالكلمةُ منهم هي حرفٌ للتوكيد لا يقبل الشك ولا يخُالف صاحبهُ في رفع الحدث أو نصبهِ أو جرّه في عقول الشباب، فلقد أوضحت بعض الدراسات الخاصة بنظرية التعلّم الاجتماعي"the social learning theory”" التي أسسها العالم ألبرت بندورا: أن التأثر الجمعي بأصحاب المكانة المرموقة سياسياً أو اقتصادياً أو فنياً (كُلٌّ على أساس اختصاصه) يُدعى بإيحاء المكانة، ويكون قائماً على سهولة تلقّي الفكرة بغض النظر عن جوهرها وجدواها، فيمكننا لّمس الأمر جليّاً في العديد من التيارات الفكرية التي كان مصدرها الوحيد هو قداسة الشخصية الناطقة خلف الهاتف ورؤيتهُ بعين العقل مع غض عين القلب عمّا سواه.
وقد حملت الساحة الإعلامية مؤخراً لَغطاً يُقنع بهِ الشارع بتشريع تزويج الفتيات القاصرات وسلبِ حقوقهن وتجريدهنَّ من حقوق الإرث والمهور، مما أدى إن انتفاض شخوص الشاشات والحركات النسوية في كل وسائل التواصل الاجتماعي حتى وصل الأمر إلى الجرائد العربية والغربية والذي شُعل فتيلها من اعتماد مُطلق على تباطؤ العقول من البحث عن أصل القانون وبذوره واندراج العاطفة العمياء تحت ضغط سلب الحريّات، ولكن بمجرد العودة إلى نص القانون وقراءة بنوده المسنونة نجد أن فرع الإشاعة لا يمت بأي صلة إلى جذره المُعتدل والذي يُريد حفظ حقوق المرأة بما يتناسب مع المعتقدات المُستقيمة والفِكر القويم، فانخراط مجتمع متكامل تحت سلطة الرأي الافتراضي يدّل وبجدارة على أن الهيمنة بيد العدو والغربال ما زال ينقّي الواعين وبالأخص الوعي النسوي الذي يجب أن يُبصر النور حتى لا تقتلنا العواطف الكفيفة.
المرفقات
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري