للورد لغة ثانية تنطق بصوت المشاعر والجمال، هكذا كنت أراه حينما ناولت حنان باقة الورود لأبارك لها على سلامتها بعد اجرائها عملية جراحية تكللت بالنجاح إذ أشرق وجهها بفرحة أشبه بفرحة نجاحها أيام ارتيادها المدرسة، لم تكن بمقدار رؤيتها لنا أنا وصديقاتها اللواتي ابتعن لها أفخم الهدايا وعلب الحلوى، كانت باقة الورود كفيلة بأن ترسم على محياها ابتسامة محقت الاعياء الذي بان على وجهها وجسدها.
ثقافة الورد
أمست الورود البلاستيكية أمر ينافي (الاتيكيت) ولا يخلو من القبح خاصة مع تنافس متاجر الورود الطبيعية التي استشرت مؤخرا في مدينة كربلاء والمدن الأخرى، إذ أصبحت جزءا من الثقافة المجتمعية حيث اتجه الكثير من الأشخاص إلى ابتياع الورود الطبيعية وتقديمها في كافة المناسبات وذلك لما تحمله الورود من معنى عاطفي يتخلل الوجدان ويدخل القلب دون استئذان بين مقدمها ومتلقيها، لكونها تعتبر في بعض الأحيان وسيلة ناجحة لقول كلمة، شكرا، مبروك، آسف، أحبك، بالشفاء العاجل، وغيرها وذلك حسب ألوانها وأنواعها وجمال أشكالها.
لمسة خاصة
ترى التدريسية سوزان الشمري أن الورود لم تعد تقتصر على تزيين باحة البيت أو السنادين بل باتت ثقافة تتزايد في العديد من المناسبات عبر تقديمها، كأعياد الميلاد مثل عيد الأم، أو افتتاح المشاريع الجديدة وهدايا الناجحين في المدارس والجامعات والأكاليل على القبور ، وأيضا يتخلل المناسبات الدينية كمواليد الأئمة ومناسبة عرس القاسم في شهر محرم الحرام.
وتضيف: "أنا عن نفسي أحب زراعة الورد في حديقة بيتي وشجرة السدر وأستغل كل ركن في داخل البيت لأضع فيه أشجار الظل، إن النباتات بصورة عامة تضيف لمستة خاصة لجمال البيت وتمنحه الروح خصوصا نبات البامبو أو ما يسمى (عصى موسى).
متجر الجواد
انتشرت مؤخرا متاجر الورود الطبيعية في الأحياء الرئيسية داخل مدينة كربلاء ومنها متجر (الجواد للزهور الطبيعية) حدثنا منسق الزهور وصاحب المتجر احمد ستار هادي والذي بدأ العمل في مجال بيع الزهور منذ عام (2021) قائلا: "ابيع ما يقارب من (٣٥٠) الى (٤٥٠) وردة اسبوعياً أو بحسب المناسبات، ويستورد الورد غالبا من دولة كينيا التي تقع شمال أفريقيا وأحيانا من ايران، ويستغرق شحنها قرابة الأسبوع جوا إذ يتم نقلها ببرادات خاصة لتصل بعدها للوكلاء ثم تورد إلى المتاجر، وتتفاوت أسعار الزهور حسب النوع والشكل والكمية ويعتمد أيضا على سعر صرف الدولار لارتباطه بأسعار الشحن".
فقدان الخواص
يعاني احمد وبقية زملائه من العاملين في نفس المجال من فقدان الورود لخواصها العطرية ورونقها بسبب ظروف الخزن وفترة النقل، مما يجعل أصحاب المتاجريستخدمون بعض المعطرات قبل بيعها.
وحول امكانية زرع هكذا أنواع من الورود في البلاد قال: "يعتبر شمال العراق من الأماكن الأنسب لزراعة الورود نوعا ما ولكن لا يسد حاجة السوق لذا نعتمد على المستورد".
ويتابع صاحب المتجر للقوارير حديثه:
إن أغلب الورود التي تستورد الروز والكريز أو ما يسمى ( الداودي) حيث تكون مفضلة لأنها أكثر الأنواع تحملاً للحرارة.
وقد دخلت مؤخرا مواد تحنيط الزهور والأكثر انتشارا هي الريزن وهي مادة صلبة جدا غير قابلة للتلف حيث يمكن من خلالها تحنيط الزهور بأشكال مختلفة للحفاظ على نضارتها للذكرى الجميلة وهذا بحسب طلب الزبون.
ختم احمد حديثه: "إن الإقبال على ابتياع الورود خلال هذه السنوات جاء نتيجة الانفتاح التكنلوجي عبر منصات التواصل والذي ساهم بالتعرف أكثر على أهميته ومدى تأثيره الايجابي معنويا ونفسيا.
أتكيت الورد
تحظى الورود بمكانة متميزة لدى العديد من الناس قديما وحديثا ويتطلب اختيارها وتقديمها عناية خاصة وللحديث عن كيفية تشكيلها في المناسبات والمواقف الحياتية حاورت (للقوارير) خبيرة الإتيكيت فرح يونس حدثتنا قائلة: "تعد الورود من أجمل الهدايا التي تقدم في المناسبات والتعامل معها حساس جدا، فلكل مناسبة لونها الخاص ودلالة على رمزية اللون المصاحب للمناسبة، فمثلا اللون الأحمر يرمز للمحبة والمودة ويقدم غالبا بأعياد الزواج وعيد الأم، أما اللون الأبيض فيقدم في مناسبات عديدة مثل حفلات الزفاف أو زيارة المريض لكونه يدل على السلام والبدايات الجديدة، وفي أغلب المناسبات العامة يفضل تقديم باقة متنوعة من الزهور بألوان مختلفة وتنسيقات مميزة لترك الأثر الطيب عند متلقيها وفي بعض البلدان تقدم كواجب عزاء أذ يمكن تنسيقها على شكل أكليل وترسل لمواساة الشخص المعني".
الوقت والمناسبة
ووفقا لما ادلت به خبيرة (الاتكيت)، إن تنسيق الورود مختلف بحسب المناسبة والوقت فمثلاً يمكن تقديم وردة واحدة فقط كشكل من أشكال الاعتذار أو سوء الفهم في حين تقدم باقات الورود الضخمة في المناسبات الرسمية فقط، و في المناسبات النهارية يفضل اختيار باقة من الألوان مثل الأصفر والوردي والبنفسجي، أما في المناسبات الليلية فيفضل اختيار اللون الأبيض او الأحمر او البرتقالي،
مع مراعاة إرفاق بطاقة شخصية وكتابة كلمة معبرة حسب المناسبة.
كما لا يجوز تقديم الورود من السيدة إلى الرجل إلا في حال المرض والتمني بالشفاء العاجل والسلامة، وكذلك لا يجوز تقديمها من رجل إلى آنسة إلا عند طلب يدها للزواج أو عيادتها في مرضها، وذلك لان الورود حساسة والتعامل معها يتطلب الحذر للمحافظة على العلاقات بشكلها الصحيح من دون تجاوز.
ختامها ورد
وتوضح فرح أن الورود من أكثر الوسائل سهولة في الاختيار حسب طبيعة العلاقات بين الأشخاص، فعادة عند المناسبات يرغب الشخص باختيار هداية تلبي أغلب الأذواق من دون الوقوع في حرج عند تقديمها فاللجوء إلى تقديم الورود كهدية يكون مرحب به دائما.
ختمت حديثها: "إن للورود أثر في نفس المتلقي لما تحمله من طاقة ايجابية لكونها تبعث البهجة وتحسن المزاج وبرغم قصر عمرها إلا أنها دائمة البقاء في النفس".
ومن الجدير بالذكر أن العتبات المقدسة في مدينة كربلاء اهتمت أيضا بالورود فقد خصصت شعبة تتكفل في العناية بالورود وأشجار الزينة وزراعة بعضها، حيث تتولى تتويج الضريحين المطهرين بأجمل أكاليل الورود في الأعياد الشعبانية والولادات الأخرى لأهل البيت (عليهم السلام).
المرفقات
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري