فكرة أن الله لا يكلّف نفسًا إلا وُسعها، فكرة مريحة جدًّا، تدفعك بعيدًا عن حافة الانهيار، وتمنحك حافزًا للاستمرار والتوسّع، وتجعلك في حالة تصالح مع الحياة؛ وذلك لعلمك ويقينك أن التحديات تأتي على قدر استطاعتك، لا تكون فضفاضة حدّ التشتّت، ولا عميقة حدّ الغرق.
ولن تُدرك ذلك إلا حين تنجو، فتتجلّى لك حكمة الله ولطفه، وهنا نُوقن أن ما نحتاجه فقط هو الثقة بالله والتوكّل عليه.
من منظوري الشخصي، أعتقد أن من يسيرون على هُدى آيات القرآن الكريم، لا يفعلون ذلك بحثًا عن الراحة فقط، بل لأنهم وجدوا فيها النور الذي يُضيء أرواحهم، والسكون الذي تطمئنّ له قلوبهم، وقد أكّد الله عزّ وجلّ ذلك بقوله: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، وهي دعوة إلهية للتقرّب منه، فليس هناك شيء يريح القلب ويطمئنه أكثر من ذكر الله.
لهذا، أستطيع القول إن من يتدبّرون الآيات الكريمة ويجعلونها منهجًا لحياتهم، هم أولئك الذين بلغوا درجة في سُلّم الإيمان، حيث يتجلّى اتّزان النفس والرضا بقضاء الله، وهذا بحدّ ذاته نعمة عظيمة أنعم الله بها عليهم؛ فبقدر وُسعهم يحملهم من اختبارات الحياة، وإن بدت قاسية.
ويُكمِل لنا النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) هذه الرسالة الإلهية بقوله: "إن الله إذا أحبّ عبدًا ابتلاه"، وقد تناولت الروايات هذا المعنى، مؤكدةً أن أشدّ الناس بلاءً هم الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، هم أحباب الله الذين يُبتلون ليُظهر الله مدى صبرهم وثقتهم به، ليبشّرهم بقوله: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا".
وهنا نُدرك أن الله لا يكتب عسرًا إلا ويجعل معه يُسرًا، ولا ضيقًا إلا ويُخبّئ في طيّاته فرجًا، فسبحان مَن رحمته تسبق غضبه، ولُطفه أوسع من خوفنا، وابتلاؤه لا يأتي إلا ليُطهّرنا ويُرقّينا.
فهنيئًا لمن جعل القرآن رفيقه، والإيمان طريقه، واليقين زاده في رحلته مع الحياة.
المرفقات

واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري