بكلمات هادئة تنساب عشقا، سمعنا تلك المرأة النحيلة التي ناهزت من الأعوام المائة وهي تتحدث عن حبها للأمام الشهيد بكل عفوية وصدق لتشهد لها الكاميرات التي سلطت عليها الأضواء قبل وفاتها بأشهر قليلة على حب بالفطرة ومن قلب عامر بالإيمان.

حب الحسين جعل تلك العجوز المسنة تمشي على أقدامها دون كلل أو ملل غير مبالية بتعب السنين لتعزي بمصاب سيد الشهداء والطين يرسم على (شيلتها) السوداء اّية من آيات الحب والولاء وتكتب بأحرف من نور قصة حب حسينية مشرفة تستحق الإشارة إليها والوقوف عندها طويلا.

نستذكر أيضا الحاج تقي الذي عاهد الامام الحسين (عليه السلام) من بداية شبابه أن يلبس السواد ما دام حيا ولم يخلع ملابس العزاء حتى في موسم الحج وهو يطوف بيت الله الحرام ويصيح (حسين حسين) فخلعت عنه ملابس الحداد مجبرا وكارها بعد أن أغمي عليه من الضرب، لتهديه الزهراء (سلام الله عليها) قميصا غيره وبقي بذلك القميص حتى الممات ودفن معه كما أوصى أن يحمل على حصيرة تيمنا بالإمام الحسين (عليه السلام) وأن لا يكتب أسمه على قبره بل يستبدل ببيت شعري بالفارسية يقول مضمونه (أنا ليس لي أسم أنا ضائع في عشق الحسين وليس لي أسم)

وتستمر مسيرة الحب والإيمان بالقضية الحسينية من عابس الشاكري ومقولته الشهيرة الخالدة (حب الحسين أجنني) مرورا بقصص حب أخرى ستبقى متقدة ومتوهجة حتى ظهور قائم آل محمد (عجل الله فرجه) لتجسد قصيدة (يا حسين بضمايرنه) هذا العشق أفضل تجسيد وتكون شاهدا على الحب الأزلي والفطري الجميل لسيد الشهداء , هذه القصيدة التي ما زالت تلهج بحب الحسين (عليه السلام) منذ سنوات طويلة ويتخلد من خلالها صوت الرادود الراحل الشيخ ياسين الرميثي وهو يردد كلمات القصيدة الرائعة التي كتبها الشاعر عبد الرسول محي الدين (عنك ما منعنا الخوف، كطعوا من ادينه جفوف، من الألم ما صحنه، صحنه بيك آمنا).