لا تخلو حياتنا من أولئك النرجسيين، ممن يتلاعبون بالآخرين، من دون أن يظهر عليهم ذلك، إذ يبدو النرجسي بصورة الضحية والحمل الوديع، ولا يمكننا التعرف عليه بسهولة، لا سيما إذ كان يخفي ذلك، فيتكتم ويسير ببطئ بخبثه، ويتعامل معنا ببراءة ويشعر بالخجل والانطواء، وتشير الدراسات والأبحاث النفسية إلى أنه بعكس مما هو متوقعاً من أن دوافع النرجسية، هي الشعور بالعظمة والزهو، ففي الحقيقة قد تخفي ضعف وحزن ونقصاً بداخلها ونبذ للذات، ويظهر ذلك على كثير من الأفراد المثيرون والملفتين للانتباه، وهناك النوع الآخر من يعيش دور الضحية والاحتياج ومصاب بالاضطرابات النفسية، ولكنه أشد ايذاءً وانتقاماً، ويتصف بارتداء أقنعة مزيفة ويرفض التصالح مع ذاته، ويحاول النرجسي الخفي كسب عطف الآخرين، أو الشعور بالذنب أو الإساءة للنفس، وتقمص دور الضحية، أما الظاهر فيتسم بالتجاهل والاستغلال، ويفعل أي شيء من أجل خدمة مصالحه، وشغوفاً بتولي المسؤوليات والمناصب العليا والسيطرة، كما أنه يركز في معظم علاقاته ونقاشاته مع الآخر، بالتحدث عن نفسه كثيراً وعن قدراته ومهاراته، نتيجة لتضخم الأنا لديه، والتغافل عن الاستماع، ولا يبدي أي اهتمام أو ردة فعل للمشاعر، وأحياناً يقوم بتشويه صورة أي فرد لا يمنحهم ما يرغبون به، ولا يتقبل النقد ما يدفعه للشعور بالغضب، في حين يشعر بأن له الحق بنقد الآخرين، والتقليل من مكانتهم، كما أنه يلقي بفشله عليهم ولا يتحمل مسؤولية ما يفعله، فتجده متذرعاً بأن مديره فاشلاً أو زملاؤه بالعمل لهم يد بحصول بعض الخروقات، والتسبب بضعف الإنتاجية، كذلك يركز معظم اهتمامه دائماً على الجانب المادي، ويخفي تلاعبه بالآخر، ويشعر بالفخر بما يملك من ثقافة أو ما حققه من انجازات، لذلك فنحن بحاجة إلى وعي تام، لكشف هؤلاء وتفادي أي خطر أو ضرر من شأنه التأثير على حياتنا، وعدم الانجذاب لهم والتعاطف معهم، كونهم بارعون بالتلاعب من أجل مصالحهم الخاصة وتلبية احتياجاتهم، لذلك من الضروري معرفة صفاتهم، لتجنب التورط معهم في علاقات سامة ومسيئة، وتهدر من وقتنا وصحتنا.