لم أكن أعلم أو على معرفة تامة بخاصية هذا الشهر وكل ما أعرفه أن هذا الشهر يتميز بولادة مجموعة من الأئمة (عليهم السلام)، ونقيم الأفراح في كل مرة، ونقوم بالأعمال ونضيء الشموع وتتقد القلوب، وتهطل الدمعات على غياب الموعود، لكن في ليلة النصف من شعبان كنا جالسين لنستمع إلى مناجاة عن صاحب الزمان (عجّل الله فرجه الشريف)، فظهر سؤال معلقٌ بحسرة، هل سنعيش يوما في ظل الإمام ونلتجئ إليه عند الشدائد، ونكن كما أصحاب الأئمة سابقا وكيف يلتقون بهم، شعرنا بألم مع غبطة لأولئك الأصحاب كيف يجلسون ويتسامرون مع الإمام، ونحن نعاني من غيبة إمامنا وطول الأمد، كانتْ في هذه الأثناء تستمع إلينا عجوز بان عليها الوقار، كانتْ تتأمل في الحرم وتسبح (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)، التفتتْ إلينا ثم قالت: هل قرأتم دعاء كميل؟ قلنا نعم، ما دمتم تعرفونه في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) يخبره "يا كُمَيل، ما مِن حركةٍ إلاّ وأنت محتاجٌ فيها إلى معرفة" فالخطوة الأولى التي إذا أردنا أن نخطوها تجاه الإمام حتى نلتقي به ونلتجئ إليه هي معرفته أولا.

تشاركنا النظرات ونحن نتسائل عن نوع هذه المعرفة فنحن نعرف بغيبته واسمه وبعض من علامات الظهور!

ابتسمتْ لنا ابتسامة حانية ثم اخبرتنا: " أن من الضروري معرفة وظيفتنا في زمن الغيبة، وهي معرفة الواجبات والعمل بها، وتشخيص المحرّمات والاجتناب عنها، تجاه النفس والآخرين، وبتعليم الجاهلين كلّ حسب قدرته ومعرفته، والسعي لكسب المزيد من المعرفة على هذا الطريق، تحصين الفرد والمجتمع من مختلف الأفكار الدخيلة التي تحرفهم عن فطرتهم وعن الإمام، كان الخوض في حديث شيق عن الإمام مصدر سعادة خاصة كأنها أثلجت قلبينا، خرجنا من الحرم ونحن معبؤون بسعادة استثنائية جعلتنا نشعر لأول مرة بفرحة هذه الليلة وعظمتها.