اعتادتْ أعوامي بعد انتهائها تهديني مجموعة من الدروس، كثيرا ما أقف على الاعتاب أقارنُني بما مضى، وأعيد تتابع الأحداث ويزداد إيماني بما يرسم الله (عز وجل) لي، ويريني حكمته في تغيير مجرى الأحلام، الخطط، الرغبات لصالحي، وأعود لتسليم أمور هذا العام بيده، مؤمنة بأن لا حكيم سواه يقود مغامرتي.

هذا العام كانت الإضافة مختلفة فالانتقال من بيئة لأخرى ومن عائلة لغيرها محملة بمسؤوليات جديدة أجدني وسط محطات عدة، كان يترتب عليَّ أن أنتشل نفسي من مواقف متنوعة، وأن أستند على كتف أمي البعيد الذي مدّني بما أنا عليه، ولا زال كتف عطائها ساقٍ لي، في هذا العام كنتُ أكثر امتنانا لها، لأنها صنعتني وأنا الآن أجلس لاكتشاف                           صناعتها.

هي لا تأبه لهذه الكلمات أو لعلها لا تغريها حتى وإن قرأتها، بالرغم من تعليمها لي وتشجيعي لاختيار المواضيع الاجتماعية المهمة أو المشكلات السائدة في المجتمع حتى المواضيع الدينية كانت تُحدد أوقات وتواريخ المناسبات وتخبرني أن أكتب عن آل البيت (عليهم السلام)، لكنها مع ذلك كانت ترى أن الأفعال هي التي تبرهن وجود الشخص من عدمه، فهي شخص ينجز أكثر مما يتكلم، تحب المغامرة حتى انتزعتْ منا فكرة الخوف، وعلمتنا الحذر حتى نفقه أنهما متلازمان، أعطتنا الثقة المطلقة فلا تتبع ما نفعل وعلمتنا أن تكون جزءً من تفاصيل أيامنا حتى لا يغيب عنها شيء، امرأة حنونة جدا قاسية عندما يتطلب الأمر أن نتعلم درسا في الحياة، استطاعتْ تعبئتنا بالمسؤوليات حتى نفهم أن الحياة أكبر من أن نكون نسخة معدة للأكل والشرب والمظهر.

لازال مضي السنين وتعاقبها يهدينا مجموعة من الدروس التي لا ننفك التعلم منها، ونقف عليها، ونرى تبادل الانقياد بيننا وبينها، وكيف تُرسَم لنا طرقاتنا؟، وكيف نستجيب لفرشاة القدر؟