لَقد كانَ مُرهقا جدا، الذهاب إلى الدُكان الذي يَبعُد مسافة حَي كامِل عن منزلنا لشراء أربعة أكياس من الشاي في كُل يَوم، وانفي يَشتُمني لتحمل رائحة الكَمون والفُلفل في دُكان العَطار كُل يَوم، وَقدماي رست في الأرض الصُلدَة، تَأبى أن تَتحركَ إنشاً في هَذا البَرد، أُخاطِبها بِأسَى وَتَرجي تَبقىٰ بِضعَة دَنانير فَقط، بِضعة دَنانير و أستطيع أن أُوفِر ثَمن الفُستان، فستانُ الزَفاف، اخترتُهُ ابيَضاً وَبشريطٍ احمَرَ قاني ، لا اعلَم لِم، خَيرني صاحِب المِحل عَلى شَريطٍ ابيَض ليُوالِم الفُستان، إلا أني ابَيتُ الا الاحمَر!.، رُبَما لان مَخطوبَتي تُجَنُ بهذا اللَون.

تَبَقى عَشرَة دَنانير وَيُتَّمُ المَبلَغ، سَأذهَبُ مَشياً إلى شارِع (بابِ الشَرجي)، سأُوفر ثَمن التاكسي، هُناكَ وُفودٌ غَزيرَة من الناس، سَيكونُ الشاي في هَذا الصَقيِع مُفتِراً للفؤاد، أُمي تَقول لَن يَصُدَ عَنهُ احَد، اعدَتهُ بكَفيها المِرتجفَتين، شايٌ سَماويٌ مُبارَك، لا اعلَم لِمَ لَونهُ اغلَظُ حُمرَة هَذا الصَباح، تَبقى اربعَةُ دَنانير، السعادَة غامِرَة، نادني عَجوزٌ بِجِوارِ عَربَة ثياب.

نَظر لي و قال (بويَة استكانَة جاي الله يسهلك) كانَ يَتقَفقفُ مِنَ البَرد، تَوقَفتُ وَسكبتُ لَهُ كَما شاء، مَددتُ الكَأسَ لَهُ.

لَكِنّهُ لَم يَصل، تَكَسَرَ بيَدي وَتهَشمَ إلى أشلاء غَرسَت أنيابَها بِضراوَةٍ في باطِنِ كَفي، قِترَةٌ الحاج البَيضاء قُلِبَ لَونُها احمَراً فَجأة، الكَونُ تَصَيَّرَ احمَراً، ام إنَّ جُنونَ مَخطوبَتي غاليَة أُصبتُ بِه كُل شَيء اصبحَ واسِعاً وَعربَةُ الثياب طارَت بعيداً في السَماء وَ الحاج الذي ناداني (بُويَة) وآثارَ فيَّ حَنانَ الابوَة عَلى امتارٍ بِلا ايدٍ، كَيفَ سَيشرَبُ الشاي الان؟ والأموال التي في جَيبي تَطايرَت تَتَراقَصُ عَلى جَمرَةِ الحُزن القانيَة، مُكوِنَة فُستاناً احمَراً مِن دَم، وكَأنَهُ صَبيغٌ بماءِ الأُرجوانِ خَضيبُ والشايُ بَعدي لا مَذاقَة دُونَهُ، أمسَى بِنا الكَونُ البَديعُ كَئيبُ.. يا غاليَة.. َزفافُنا عندَ السَماء العالية.