للدعاء فلسفته الخاصة ونتائجه العجيبة التي تضفي السكينة على صاحبه فيقول الباري (عز وجل): "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"

ما كنتُ أفهم خصائص ومعجزات الدعاء بهذه الحيثية التي أؤمن بها اليوم، بل كنتُ أخجل أن أقف في حرم الآل (عليهم السلام) وأطلب حاجة معينة، فأرى نفسي بنعم شتى، فأكتفي بالشكر وأدعو لغيري ولساني يلهج بالدعاء لمولاي صاحب الزمان (عجل الله فرجه)، وفي كل عامٍ من شهر محرم الحرام أسكب بكائي عليّ، تأكلني دموعي، ترميني بوجعي على فراش المرض، وأخجل من عصيان تلك الدموع، يوما ما دعتني إحدى رفيقاتي للدعاء تحت قبته للبكاء عليه، جرتني أثياب خجلي للوقوف في الضريح المقدس، وطلبتُ منه بصعوبة البكاء ثم طمعتُ بالجزع والنوح والأنين، حتى أحلني يوم السابع من محرم وفي احد مجالس العزاء كانت لحظة الاستجابة بكيت وصرخت، وانفجر بركان الدمع، لعل سخي الدمع لا يفقه عصيه، إلا أن تلك اللحظات كانتْ من أجملها على العين والقلب والروح، تواترت الأيام وأنا أرى دمعي هطولا كلما ذُكِر عنده اسم (الحسين)، بقي عصيان دمعي في كلِّ ما يخصني إلا ما يتعلق به فهي سخيّة.

كثيرا ما نجهل أهمية الدعاء بتفاصيل تفاصيل حياتنا، فقد لا نلح به، أو نخجل من طلبه، او طريقتنا في الدعاء غير صحيحة بالرغم من أن للدعاء ثقافة يجب أن يفهمها المؤمن، لذلك أهل البيت (عليهم السلام) وضعوا لنا بوصلة الدعاء وزودونا به، فنجد أن كتاب مفاتيح الجنان والصحيفة السجادية مليئة بطرق الحديث مع البارئ والطلب منه والتقرّب منه، ففي كتاب الله عز وجل يخاطبنا (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) مطلقة العنان في كل شيء ادعوني غير محدده بشرط أو قيد، ويقول عز وجل (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) وخير الوسائل محمد وآله (صلى الله عليهم وآلهم وسلم) وأوسع باب، باب الحسين (عليه السلام) حيث استجابة الدعاء تحت قبته.