وانت تتجول في الشوارع المحيطة ما بين الحرمين الشريفين تأسرك رائحة الشاي (المهيّل) وغالبا ما تسلم لأمرك وتنقاد لشربه ومع تردد عبارة (شاي أبو علي) على الاسماع تلاحظ توافد الزائرين لتجربته، وكثير منهم يتناول أكثر من (استكان شاي) لحلاوة طعمه الذي لا يعيقهم عنه حر، فحتى مع أجواء الصيف الحارقة تجد الزائرين يتناولونه مع استمتاع خاص بهذا الطعم، كما أن هناك زائرون يقصدون مواكب معينة فقط لشرب شايهم، وهذا الشاي ذاع صيته حتى دوليا وعالميا ومن يأتي من هناك لا بد أن يرتشف منه، كما أنه لا ينقطع على امتداد الشوارع في الزيارات تجد عبقه يطرق بيوت المدينة، سواء في المجالس الخاصة وحتى في المواكب التي تُنصب في المناطق البعيدة عن المنطقة القديمة، فإن (قوري) الشاي يبقى على النار ما دام الموكب يقدم خدماته، وبعض منها خدمتها هي فقط تقديم الشاي، كموكب ركن شارع السدرة الذي يُنصب في المناسبات الدينية جميعها كما يقدم شايه كل ليلة جمعة، والجميل في الأمر أن هناك عوائل يكون موعد التقاءها بعد الزيارة عند موكب الشاي هذا أو غيره، فيكون نقطة دالة للقاصدين إلى الإمام الحسين وأخيه أبا الفضل (عليهما السلام).

ويتفرد شاي مضيف العتبة العباسية المقدسة في عطائه حيث تقصده الألوف تبركا، وتجد الناس تقف لفترة معينة حتى يأتي دورها للحصول على كوب الشاي هذا، واللطيف بالأمر تجد كثيرا من يوميات مواقع التواصل تحفل به، كما تلحقه عبارات المدح بطعمه خاصة وبالشاي بصورة عامة.

وللشاي قبل مجلس الحسين (عليه السلام) وبعد انتهاءه حكاية مختلفة فتجد البيوتات والحسينيات التي تقيم مجالس العزاء تعد الشاي كأمرٍ مفروغ منه واجب التقديم، وهو ما يعطي للرأس سكينته كما يمنع العطش هذا ما يظنون وما قد يوافق الطبيعة البدنية.

أن طعم هذا الشاي لا يختلف كثيرا عن الشاي الذي يتم اعداده في المنزل أو العمل فمكوناته الأساسية من الشاي ونبات الهيل ثابتة إلا إن ما يزيده طعما أنه متعلق بحبيب القلوب الإمام الحسين (عليه السلام) وهذا هو السر الذي يعزى له الطعم المميز.