(صابتني عين) غالبا ما تتردد هذه الجملة في مناسبات مختلفة إلا أن البعض يتنكر لهذه الخصلة الذميمة على الرغم من ورود آيات قرانيه واحاديث نبوية تدل على وجوده فلربما الامر يتعلق بقوة الايمان وضعفه وبغض النظر عن مدى مفهوم الحسد من الناحية العلمية أو العملية، إلا أنه لم يسبق لنا مزامنة بحث علمي أو نظرية تثبت وجود قوة أو طاقة تنبعث من أنسان لتؤثر بإنسان آخر وتغير من احداث يومهِ أو مجريات أموره.

وللكشف عن أحجية الحسد المريبة وما له من ابعاد اجتماعية ونفسية ودينية كان (للقوارير) هذا الاستطلاع في رأي ثلاثي الابعاد.

 

رؤية اجتماعية

تعتقد الباحثة الاجتماعية بتول ناصر: "إن الحسد موجود ومذكور ولكن ليس بالمفهوم القدري والحتمي الذي يعتقد به أغلب الناس، أو المنظور السائد حاليا في أوساط مجتمعية والذي ما انتشر فيها الا لرؤيا غير واضحة تعود إلى قلة الايمان والثقة بالمشيئة الالهية وحكمها على حياة الانسان ومجريات أموره وتقادير الخير والشر من ناحية، وتفتت العلاقات ونظرة الحقد والاتهام والكراهية من ناحية أخرى؛ وخصوصا لبعض الاشخاص ممن يُتهمون على أن لهم نظرة حسد.

كل ما في الأمر أنه مجرد أمنية أو شعور أو رغبة أو حسرة بداخل النفس الانسانية تجاه الآخرين لما يمتلكونه هم ولا يمتلكه غيرهم أو يتمنونه، أي أنها لا تعدو كونها خاطرة في نفس الانسان لا تختلف شيئا عن خاطرة الكره أو البغض أو الأنانية أو الحقد و غيرها، ليس لها سلطة على إيذاء الآخرين أو تسيير أحداثهم بشيء قدر ما تؤذي صاحبها وحاملها نفسه بما تسبب له من سوء السريرة وتلوث نفسه وقلبه من الداخل".

واضافت ناصر: "أن ما يصادفه الانسان من حوادث هي أمور مقدر لها أن تحدث ومقدر له أن يواجهها موكلا في ذلك ومستعينا بالمشيئة الالهية لأنها وحدها هي من يجلب الخير له ويدفع عنه السوء، أما ما يتزامن مع مرأى ومسمع البشر كأن تسمع من يقول (اليوم الذي ألاقي فيه هذا البني آدم سيحدث لي فيه شيء ومكروه) ربما هذا المكروه هو حادث واقع سواء رأيت هذا الشخص بنفس اليوم أو لم تره كل ما في الامر انك تحصر ما حدث لك من سوء وتجعل من هذا الشخص سببا لذلك وهذا يعود لتفكير الانسان واعتقاده وحده حتى وان حدث فعلا وتحقق ما يخشاه عند رؤيته فالأمر لا يعد كونه اكثر من صدفة.

 

 

رؤية نفسية

وترى الاستشارية النفسية نور مكي الحسناوي: "إن من يلجأ إلى الحسد والنظر إلى ما عند الاخرين هو شخص سلبي في تعامله فبدل من تمني زوال نعمة الاخرين عليه ان يجتهد ويأخذ بأسباب النجاح والتفوق كي يحقق مثلها وربما أفضل منها، ولكن غالبا ما يفشل الحاسد بذلك فهو يشعر بالغربة الاجتماعية و ميولا عدوانية وسلبية لإيذاء الاخرين وذلك بسبب فقدانه للعاطفة اتجاه المقابل".

مضيفة: "ويعد الحسد حالة نفسية سلبية تدفع الحاسد إلى التفكير بطريقة المقارنة الكارهة للواقع الذي يعيشه، فهو يرى أن ما يحصل عليه الآخرون لا يستحقونه وأن المستحق الأصلي هو نفسه، وهذا التفكير ضار جداً لتأثيره الكبير في النفس ومساهمته في نمو مشاعر القلق والحقد ويدفع به أحياناً إلى الغضب والأنانية".

وحول معالجة الشخص الحاسد تابعت قائلة: "ليس من السهولة تخطي هذا الأمر ولكن إن أدرك الحاسد مرضه يمكن علاجه من خلال تغيير مسارات التفكير الخاطئة لديه المقرونة بالغيرة وذلك من خلال الطب النفسي، أما المحسود فيتم علاجه بما وراء علم النفس (الباراسيكولوجي) وهو علاج الطاقة.

 

رؤية دينية

ويوضح الشيخ حيدر الساعدي مفهوم الحسد قائلا: "الحسد هو تمني زوال النعمة عن الآخرين، وهو أمر محرم ومذموم، وفيه اعتراض على الله تعالى من خلال قوله (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) وهذه الآية استنكار للحسد الذي نراه اعتراضاً على الله في قسم الأرزاق وتوزيع النعم، فهو الحكيم جل جلاله الذي يفعل الأشياء لحكمة بالغة لا يدركها كثير من الناس".

وأضاف: "كما إن الحسد آفة تقتل وتدمّر المرء دون أن يشعر فهناك من يربط الأحداث المصيرية في العالم سواء الفردية أو المجتمعية بالحسد والعين والسحر والشعوذة، ولا يمكننا ان ننكر عدم وجود الحسد والغيرة والكيد واللؤم وغيرها من الطباع البشرية وليس بوسعنا جزم عدم ثبوت أضرارها ومساوئها على خلق الله أجمعين لأنَّ الحسد ذُكر في كتاب الله في مواضع كثيرة ليبين لنا خطورة الحسد على النفس البشرية وكيف تدفع هذه الصفة المذمومة صاحبها إلى ارتكاب الحماقات والجرائم استجابةً لوساوس الشيطان وإشباعاً لإلحاح النفس الأمارة بالسوء".

ختم الساعدي حديثه: "حينما يحذرنا الله من أمرٍ معين كالحسد يورد لنا الحل والعلاج فهو الرحيم بعباده فإسلامنا يحثنا على ضرورة قراءة الرقية الشرعية على أنفسنا وأطفالنا والمواظبة على قراءة أذكار الصباح والمساء وتلاوة القرآن والسور القصيرة كالمعوذتين وذلك للتحصن بآيات الله من كل سوء يمكن يصيبنا ومنها الحسد".