يشكل النجاح الجزء الأكبر في الوصول لذروة السعادة، لا سيما لأولئك الذين يسعون دوماً لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم، ويكافحون في سبيل الوصول إلى مراقيه، وفي هذا الملف سنتعرف على كيفية المحافظة على النجاح، وسبل الوصول إليه ودور الأسرة والمجتمع بتحقيقه

 تشير زينب علي (طالبة في مرحلة الثانوية) أنها "تحرص على الدراسة بشكل مضاعف، والنوم بشكل كاف، لتنشيط الدماغ وتقوية الذاكرة، واسترجاع المعلومات بسرعة، والاستيقاظ باكرا وتنظيم الوقت، والابتعاد عن العشوائية، ووضع جدول للمواد التعليمية، والحد من شرب المنبهات، كونها تسبب الأرق، كما من الضروري الاكثار من تناول الغذاء الجيد والصحي، للتركيز والانتباه، وبذلك تحقق النجاح في كل عام دراسي"

في حين لفت الطالب الجامعي حسن أحمد إلى أنه "لديه طموح وأهداف يسعى لتحقيقها، والوفاء ولو بجزء بسيط من جهد وتربية أسرته التي تشجعه باستمرار، وتوفر له كل ما يحتاجه، وتحقيق حلم والدته بأن يصبح طبيباً لتفخر به أمام الأخرى"

وأكد الموظف محمد سعد إلى: "أنه نال منصباً أعلى في وظيفته وتفوق بين زملائه، كونه يحرص على الإنتاجية، والمواظبة على الدوام، والالتزام بمسؤولياته، من دون كسل وتغيب، ما دفع برئيسه أن يجعله مديراً لأحد الأقسام في الشركة، ونصح الموظفين الآخرين أن يتحملوا المسؤولية المكلفين بها، وزيادة الإنتاجية، ووضع الأهداف والخطط لتحقيق النجاح.  

مفهوم النجاح

له مفهوم واسع ونسبي، وهو مقصد فطري يسعى إلى بلوغه جميع الناس، وبخاصة الطموحين والمتفوقين منهم، ويكون عكسه الفشل اي عدم مقدرة الفرد على تحقيق ما يصبو إليه من طموح وأهداف شخصية وغير شخصية، على حد قول التربوي أياد مهدي عباس: " أن لكل منهما اسباب ومقدمات، فالنجاح مقدماته التخطيط، والمثابرة، والصبر، والسعي، بينما مقدمات الفشل اللامبالاة، والكسل، وغياب الهدف، وهدر الوقت في اشياء غير مهمة، واثبتت التجارب الإنسانية أن يمر الانسان في بداية حياته بمرحلة فشل او اخفاق، لأنها ستكون فيما بعد دافعاً له في تحقيق نجاحات متلاحقة، ويصبح هذا الفشل قاعدة صلبة ينطلق منها في بناء حياة ناجحة، يستطيع ان يحقق فيها انجازات علمية كبيرة تخدم الانسانية جمعاء، فكثير من المخترعين والعلماء والعباقرة في العالم، كانت المراحل الأولى من حياتهم يتخللها الفشل والاخفاق، لا سيما في حياتهم الدراسية، كما حصل مع العبقري والمخترع توماس اديسون، الذي طُرد من المدرسة، بسبب شروده الذهني في الصف، وعدم تفاعله مع المعلم إلا أن دور والدته التربوي كان له الأثر البارز في حياته، إذ تمكنت من خلال فطنتها وموهبتها من تحويله من شخص فاشل دراسياً ومحبط نفسياً إلى عبقري ومخترع، استطاع أن يغير وجهة التاريخ والبشرية، وهذا إن دل على شيء أنما يدل على دور الاسرة الكبير في صنع النجاح والتميز للفرد والمجتمع، وباستطاعة الأسرة الناجحة التي ينشأ فيها الفرد، ويتربى في كنفها قادرة على صنع النجاح والتفوق لأبنائها، وتحويلهم إلى أشخاص قادرين على صنع المعجزات".

مضيفاً أن: "النجاح يعزز ثقة الفرد بنفسه، ويكون دافعاً له، للمضي قدما في تحقيق المزيد من التفوق والإنجازات سواء كانت على الصعيد الشخصي أو المهني"

صفات

د.عماد رسن، اخصائي علم الاجتماع أشار إلى: "إن النجاح هو الوصول إلى الهدف الذي حدده الفرد لنفسه، كالنجاح في دراسة أو الحصول على عمل، هذا هو ربما التعريف الموضوعي للنجاح بعيدا عن الاحساس الذاتي، لكن تحقيق النجاح لا يعني بأن الإنسان ناجح، وهي الصفة التي ترافق المحظوظين في مجتمعنا، أو من يعتقدون بأنهم ناجحون، بينما يراهم المجتمع فاشلين، والعكس هو الصحيح، وفي رأيي لا يوجد إنسان ناجح أو فاشل، بل يوجد إنسان ناجح حتى الآن وفاشل حتى الآن، لأن النجاح والفشل ظواهر مرحلية لا تستمر ولا تتحقق دائما، لأنها تعتمد على عوامل عديدة، وليس فقط على الإنسان وحده".

سعي وهدف

وتابع رسن حديثه: "النجاح، بتعريفه الموضوعي، يعتمد على عوامل كثيرة، يمكن اختزالها بثلاثة تتفاعل مع بعضها، لتوصل الفرد لنقطة الانجاز والتي تسمى نجاحاً، العامل الأول هو الحافز، والرغبة، والإرادة، للوصول إلى الهدف، والفعل أيضا من خلال السعي للوصول إلى الهدف، والعامل الثاني هو دور المؤسسات في خلق الحافز والرغبة لدى الفرد، وتوفير المستلزمات وتدريبه على المهارات المطلوبة لتحقيق ذلك الهدف، والمؤسسات كالعائلة والمدرسة ومراكز التدريب، وباقي مؤسسات الدولة أو منظمات المجتمع المدني، كونها لها دور كبير في مساعدة الفرد، لتمكين نفسه لينتقل من خطوة الرغبة نحو الفعل، أما العامل الثالث فهي العوامل البنيوية، كالثقافة السائدة التي تعيق أو تسهل السعي للوصول إلى الهدف، والعوامل السياسية كالاستقرار الأمني، وخلق اجواء اجتماعية تسهل عملية النجاح، والعوامل الاقتصادية التي تخلق فرص عمل، والتي بدورها تحفز الفرد وتعطيه فرصه أكبر للنجاح، والعوامل

الاجتماعي كتعزيز التواصل المجتمعي، لخلق شبكات تعاون تساعد على تبادل المعلومات والخبرات، والتي بدورها تسهل عملية النجاح، كل تلك العوامل الثلاث تتظافر لخلق بيئة صحية تدفع الفرد للوصول إلى هدفه ليحقق النجاح"

دور الأسرة

أحمد النعيمي، استشاري في علم النفس بين: "على الوالدين أن يدركا أن دورهما في تفوق الأبناء أكثر أهمية من دور المدرسة، كما أكدت على ذلك الكثير من الدراسات العلمية، ومنها اطروحة دكتوراه حديثة، تشير إلى أن بناء الطموح عملية تراكمية تساهم الأسرة فيها بالنصيب الأوفر، وبناءٍ على ما سبق فأن الأسرة التي لا تساهم في تعزيز ثقة الأبناء بأنفسهم، عليها أن لا تتوقع تفوقهم، وكذلك الأسر التي لا تساعدهم في الاعتماد على أنفسهم عليهم أن لا يتوقعوا منهم النجاح، وأيضاً الأسر التي لا توفر بيئة علمية محفزة على التعليم، ولا توفر للأبناء مكتبة علمية ورقية أو إلكترونية، ولا تقوم بالمتابعة المستمرة لعملية التعلم، ولا تحسن اختيار الأساليب المناسبة في المتابعة الذكية والمحفزة، كما أن هناك أسرة لا يتوفر فيها الاستقرار وروح التعاون والتفاعل الإيجابي بين الآباء والأبناء، ونخلص من الاستنتاجات السابقة أنه على الوالدين أن يدركا مسؤوليتهم في تفوق أبنائهم أكبر من مسؤولية المدرسة، وأن يخططا لصناعة بيئة أسرية مشجعة على الطموح والتفوق، وعلى الوالدين تخصيص وقت يومي، لمتابعة دراسة الأبناء، والاهتمام بنتائجهم والحوار معهم عند وجود أي تقصير، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتعزيز روح التنافس، وتشجيعهم على مخالطة زملاء طموحين ومتفوقين، لأهمية ذلك في صناعة جيل متفوق وناجح"