الحديث عن القناعة مليء بالكلمات الحانية والمفردات التي تريح النفس كلما لمسنا آثارها المعنوية، فهي كما وصفت بالكنز الذي لا يفنى، ولطالما الحياة مترعة بالتناقضات والأمور السلبية والايجابية لابد أن يكون الرضا حاضرا "في كلِّ جولاتنا اليومية وأسلوب حياتنا، فامتلاء القلب بحب الله ورسوله وعترته يولد في نفوسنا القناعة بما كتبه الباري عز وجل لنا، وهو الإيمان بحد ذاته ليجعل من كل منا نصيبه أيّا كان شكله وديمومته، فهناك الكثير من الأفراد يبحثون عن السلطة والنفوذ والمال، وهناك من يبحث عن المثل والاخلاق، وهناك من يبحث عن الاطمئنان النفسي، وآخرون يبحثون عن العمل الذي ينتشلهم من واقعهم، كل اولئك يلهثون وراء طموحهم سواء تولدت القناعة أم لا، للوصول لمسار أو طريق يرضي امنياتهم بشيء من الطمأنينة والراحة النفسية التي تعيد إليهم نعمة الشكر، فعندما يقنع ويرضى بما منحه الله تعالى له فسيكون لسانه شاكرا وحامدا، وسوف يبتعد عن كل أشكال الحسد والتمرد وعدم الرضا والقناعة بالمقسوم، وهذا جل ما نتمناه للإنسان الواعي الذي يتفهم النصيب والرزق وغيرها من الامور الحياتية.

ومن الآثار المهمة والملموسة للقناعة هي نشر المحبة والألفة بين المجتمع وحلول التعاون والترابط والتفكر بأحوال الفقراء والمعوزين ومعرفة احوالهم، فحينما يكون الانسان قنوعا سيدفعه هذا إلى تأمل حال من هم دونه، والذي يكون حافزا قويا لمساعدتهم وتفقد أحوالهم، ولن يسعى أي فرد يمتلك القناعة الراسخة أن يفكر بالاستيلاء على ما لا يملكه، بل يرضى بما قسمه الله سبحانه وتعالى له، ويكون مطمئنا وراضيا وبنفس كريمة على كل ما يمر به من منغصات وتبعات، لأنه قد امتلك ما قسمه الخالق إليه حتى وإن مر بظروف قاسية وصعبة تجده يكثر من الشكر والحمد ارضاء لمشيئة الله، وهو أرفع درجات العافية وأعلى مراقي العز والهيبة.

فلتكن القناعة صفتنا وسبيلنا نحو سؤدد الحياة الكريمة، ومرتع لزمن تلوث بعاديات الاستحواذ لكل شيء وإن لم يكن لنا فيه نصيب، فالحياة ليست منصفة دائماً، وزينة الغني الكرم وزينة الفقير القناعة وزينة المرأة العفة فمن لا يرضى بالقليل لا يرضى أبدا.