بين فترة وأختها أنا وصديقتي نهدي أنفسنا وقتا للراحة، نتبادل الأفكار، نتشارك الجنون، نسير دون وجهة محسوبة، نتقن الترويح عن أنفسنا بهذه الدقائق المعدودة، حين أوقع بنا الجوع اردنا الدخول إلى احدى المطاعم القريبة لأننا لم نكن بالقرب من أماكننا المعتادة فأخذتنا الحيرة حين كنا بالقرب من مطعم لا نعرفه فأخبرتني صديقتي (أن الفرق بين ما جربناه وما لم نجربه تجريبه فقط)، في بادئ الأمر ضحكنا على هذه الجملة لكننا توقفنا عندها كثيرا فحقنا حلول أغلب مخاوفنا هي أن نجربها ونعرف أسوء ما يمكن أن يقابلنا بعدها لا نأبه لهذا الأمر بل قد ننصح الآخرين بتجريبه.

وبعد يومين وفي عودتنا بالباص لم تحاول زميلتي استبدال الطريق بطريق أكثر اختصارا فقط لأنها لم تجربه من قبل وأظنها لن تجربه مطلقا.

مثل هذه المواقف في حياتنا كثيرة فتجربة الصيام الأولى وصعوبتها، واجتياز المراحل الدراسية التي تحيطها هالة الخوف، وحتى في القرارات المصيرية كالزواج والانفصال بعد السؤال والاستشارة تبقى خطوة المجازفة هي الفيصل لإخماد كل المخاوف التي تصادفنا فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ"، بعض الأشخاص يتحملون المجازفة لأنهم يريدون أن يصلوا لحياة أكثر استقرار والبعض الآخر يفضل البقاء في زاوية الخوف والتوتر لأنه لا يريد أن يخطو خطوة فيفضل الرقود في مكانه مهما كان على أن يجازف، وهذا هو المحذور الذي حذّر منه الإمام عليه السلام بقوله: "فإنّ شدةَ توقّيه أعظم مما تخاف منه" لتأثيره السلبي على شخصية الإنسان فمن الضروري عدم الاستسلام لمؤثرات العادة أو غيرها، وإلا فيتحول إلى سلوك ملازم مضر والإقدام على أولى الخطوات هو أفضل علاج للتردد.