في الشاي حكايا يقصّها بحبِّ تارة وأخرى بحرب، يختصر التعابير ويرسل الرسائل المبطنة، له من الرمزية مما يفهمها مختصوها مما يعرفون بأهل (الحسجة) كما له من البوح ما تلتقطه المشاعر، ليس مجرد نبتة أتتْ شُربها بل هي حياة نابضة ممكن أن تُعلق صورها على الجدران كذكرى.

 

دفء واطمئنان

إن أول رشفة اطمئنان فجرا هي رائحة الشاي من أيدي الأمهات التي توقظك عنوة، فتكون هي المسيطرة بين ضجيج فقدان الأبن الأصغر لجورابه، وإلحاح الطفلة على تغيير تسريحة شعرها لهذا اليوم، يبرز صوته وينفرد به ثم يبقى حتى خروج الجميع يناغم وحدة الأم، كما يأخذ دوره كمنبه لمن أطال نومه ليعلم أن الشمس علا ضياؤها.

سمة عالمية

من كل صوب وجانب تأتي الناس أفواجا يرافقهم (جاي أبو علي) فلا يكاد يخلو موكب منه، حتى أصبح بعضهم يأتي ليكتشف سِره ويتذوق طعمه بالطريقة العراقية، فيصبح في زيارة الأربعين متربعا ببدايات الفيديوهات التي تُصور لتنقل أحداث الزيارة، ونراه أيضا يغزو تفاصيل القصص في مواقع التواصل الاجتماعي، كما فيه من الروحية التي تهيمن على قلوب الزائرين.

 

دعوة حب واهتمام

كانت وما زالت الكثير من العوائل تستخدم الشاي للأجواء المميزة كوقت العصر عندما يجتمع افراد العائلة، أو حين يحل أحدهم ضيفا، وحتى دعوة الأصدقاء فيما بينهم يكون عنوانها (تعال نشرب جاي)، وللشخص المفضل يسكب الشاي من (رأس القوري) كونه الأطيب طعما ويتم تمييز الأشخاص به فيُصب للرجال أصحاب المكانة، (للعزاز)، كما تُعرف المرأة (النادرة) به فالشاي يتميز بطعمه اذا ازداد فورانه أو احترق فهو دلالة على الاهمال والعكس فيه من الصواب، وعنوان للخطوبة (ابوي يريد يجي يشرب جاي يمكم)، وفي (المشية) يٌقدم الشاي ولا يتم شربه إلا بعد اعطاء الموافقة من قِبل أهل البنت، وحتى في الأحزان فهو الوحيد الذي يليق بمرارة الفقد.