قابلَ موقع واحة المرأة المستشرقة إيف من استراليا، وقد روتْ رحلتها من المسيحية إلى عدة أديان ثم الاسلام فالتشيّع، وقد اختارتْ لنفسها اسم نرجس ليكون هو رفيق أيامها ولتأثرها بقصة والدة الامام المهدي عجل الله فرجه، وقد سردتْ قائلة:

شعاع النور

لحظة الضياع الأولى هي ذاتها التي وجدتُ بها نفسي أبحث عن معنى لوجودي، حين وجدتُ نفسي تائهة بلا أمي بلا أموال كان المدد بأن اتجهي الى ذلك المسجد ستحصلين على ما تريدين، حينها رتّل على مسامعي الصوت الذي سمعته في الطائرة، وحينها جزمتُ بأن الصوت الهامس (اخلع نعليك) الذي بثته الطائرة في أذني لم يكن إلا ممهدا لدخولي هنا في مسجد كُتِبَ عليه (مسجد الإمام الحسين)، وهنا كان الدعاء بهذا الاسم الذي لا أعرف صاحبه، لم تمر الا دقائق حتى وجدتُ أمي وهنا أعلنتُ نهاية رحلتي بين الأديان التي طرقتُ أبوابها من بعد مسيحيتي بحثا عن دين تطمئن له نفسي وأسلم زمام عقلي بيده، عدتُ باحثة عنه تأملتُ بالقرآن كثيرا حتى أعلن قلبي اسلامه وأخفى ذلك عقلي خوفا وحرصا، كتمتُ ذلك لسنوات أشغل نهاري بالنوم لئلا يعلم أحد بصيامي.

مواجهة واغتراب

لم أكن أستطيع الاستمرار في مزاولة حياتي بكل هذا التكتم وبلا حجاب، قررتُ السفر للعمرة ومن هناك أبدأ رحلتي لمواجهة العالم وعائلتي المتشددة، بعد ذلك القرار أهداني أحد الزملاء كتاب نهج البلاغة ليكون رفيق رحلتي، مع أول أحاديثه أخذتني اغفاءة في الطائرة، حينها رأيتُ رجلا بهيبة نورانية وكأني تائهة سمعتُ صوته يهمس لي (اتبعيني)، وصلتُ الى بيت الله وهناك ارتديتُ حجابي ولسان قوتي استمديته من نبي الله ابراهيم حين فدى ابنه فكيف لا أضحي أنا أقف أمام والدي، ثم أكملتُ مراسيم العمرة وعدتُ للمنزل حيث لم يستقبلني والدي بعد أن عرف بإسلامي وبعد مرور فترة من الاغتراب عن المنزل، تدهورتْ صحتي، اتصلتُ بوالدي وأخبرته (إن كنت والدي تعال الي)، لعله تلك الساعة هي الأصعب في حياتي حينما وقف أمامي دون أن ينظر الي ثم هجم صارخا ما الذي فعلتيه بنفسك، ثم جلس متوسلا: خذي كل أموالي وثروتي واخلعي هذا القماش ارجوكِ.

حين رفضتُ طردني من حياته، بعد فترة قصيرة ذهبت لأخذ حاجياتي رأتني جدتي فهجمت عليّ ضربا حتى ازرقّتْ متوني وتورمت عيناي حينها كانتْ مواساتي ببنات الرسول صلى الله عليه وآله.

اللقاء والمدد

مع غوصي في عالم التشييع كنتُ أسال الله أن يرزقني من يعينني على ديني وحياتي وكان رزقي عراقيا، ومع تشجيعه ولهفتي أتيت إلى كربلاء الزيارة الأولى لم يكن وضع العراق مستقرا حينها حاولتْ أن آتي سيرا مع الزائرين من طريق البصرة في احدى الطرق دخلتُ وراء بعض الزوار لم انتبه وأنا أقرأ بكتابي نهج البلاغة أنهم غيروا مسارهم فوجدتُ نفسي غريبة أسير لأميال خائفة واردد باسم المولى علي حينها ظهر لي رجلا ذو هيبة لم استطع حتى سؤاله عن هويته، حمل أغراضي وسار وسرتُ خلفه حتى أوصلني طريق رأيتُ من بعيد المواكب والزوار، التفتُ لأشكره لم أجده.

ختام ورسالة

عندما بلغ ابني يوسف 6 سنوات، تقبل أبي اسلامي لكنه لا يتواصل معي دائما، ويقتصر الأمر على سؤالي عنه بِرّا به، وأرض كربلاء محل قلبي الدائم فأنا كلما استطعت أن أجمع مبلغ الزيارة الذي يكلفني سنوات من العمل آتي من روسيا الى هنا كي أنهل اطمئنان من هذا الضريح المقدس.

وأخر ما يمكن أن أقوله هو على الشيعة التمسك بحديث الغدير وكتاب نهج البلاغة فهذا الكنز يكفي أن يحافظ به الانسان على دينه رجل كعلي لن يضيع من يتمسك بقوله وفعله، وحنين كالحسين لا يمكن أن يفرط الناس بسفينته، ويترك الشباب احلامهم بترك بلادهم واللجوء الى الغرب الظالم فالعيش في ظل آهل البيت منجاة في الدين والدنيا.