أحدثت تكنولوجيا المعلومات تحولات ضخمة في مجال العمل الإعلامي, فما تقدمه وسائل الاتصال وخصوصا تطبيقات الهاتف المحمول من إمكانات متعددة للتواصل والنشر والتصوير الفوتوغرافي والفيديوي والتسجيل الصوتي وغيرها من الأدوات التي كانت تنحصر داخل جدران المؤسسات الإعلامية ادت إلى خلق جيل مختلف عن الصحافة التقليدية يعرف بصحافة المحمول, وبالتأكيد فإن المواطن على اختلاف أدواره يمكنه أن يكون صحفيًا ناشطا وفاعلا في هذا المجال الرقمي, وبما إن الصحافة بمفهومها العام تتمثل بنقل الحقيقة وحرية التعبير عن الرأي, وفي الوقت ذاته كل انسان يميل إلى التعبير عن آرائه وانتقاد الأوضاع السلبية والحوار مع الآخر, بهذا المفهوم تحديدا يمكننا أن نعبّر عن هذا الاتجاه بمصطلح الصحافة المكتسبة.

على غرار المناعة المكتسبة يمكننا أن نجري مقاربة في مسألة الصحافة, فالصحفي الناجح من المهم أن يمتلك موهبة التأثير والاقناع, وبما إن الموهبة تظهر في وقت مبكر من عمر الانسان فإن كثيرا من الأسماء اللامعة في المجال الصحفي مارسوا المهنة بدوافع الشغف والموهبة وبرغبة حقيقية, لكن صحفيو المحمول اليوم اكتسبوا بعض مهارات التواصل والنشر من كثرة التواجد والاطلاع على مجريات الأحداث اليومية, ومن ارتباك الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي, بحيث أدت هذه الأسباب وغيرها مجتمعة إلى نشاط غير متوقع لممارسة الدور الإعلامي؛ لكن من دون رقابة ومن دون معايير ومبادئ مهنية تؤمن الطريق لمثل هذا النوع من التعبير غير المشروط.

بناء على كل ما سبق فإن اكتساب المهارات الإعلامية لم تعد حكرا على المتدربين في المؤسسات الرسمية أو المتخصصين أكاديميا, ويمكن لأي شخص رقمي أن يمارس دورا مهما ومؤثرا في الوسط الافتراضي, لكن يا ترى هل ستظل الصحافة الرسمية صامدة تحت عصف هذه المتغيرات, أم إنها ستؤسس لجيل آخر للصحافة الذكية!