شهر رمضان جعله الله سبحانه وتعالى بمثابة الرحمة للبشر أو التطهير عن المعاصي والاخطاء التي ارتكبت خلال العام بكامله هو شهر روحي ملائكي يتسم بروح نقية واجواء رحمانية.


فالمسلمين في كل انحاء العالم ينتظرون هذا العام بفارغ الصبر وأول أيام شهر رمضان تحمل من الخصوصية والتمييز ما يجعلها عالقة في الاذهان حيث تكثر في ذلك اليوم التهاني والتبريكات بين الاهل والأصدقاء وكأنه يوم عيد وترى الابتهاج والفرح بوجوه المسلمين استقبالا لهذا الشهر الفضيل ويحرص الصائمون في جميع انحاء العالم على التمسك بسنن الإسلام الحنيف وتعاليم رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) من خلال تناول حبات التمر واللبن عند افطارهم.


يعيش المسلمون أجواء العيد في كل يوم من أيام شهر رمضان بسماع صوت آذان المغرب يشعر المسلم بهذه اللحظة الروحية المميزة انه أدى احدى فرائض الله الواجبة عليه بكل يسر وفرح ويستعد لليوم التالي وهو يملأه الفرح والتشويق


ففي الشهر الفضيل المبارك تختلف الأجواء عن باقي أشهر السنة ففيه ترتفع الايدي موحدة الى الباري عز وجل داعية بالمغفرة والرحمة وترجع القلوب صاغرة الى الله مستغفرة حيث تكون النفوس مطهرة بالصيام والقيام والتضرع الى الله سبحانه وتعالى، وله نكهته الخاصة في كل بقعة من بقاع العالم وبالذات العالم العربي والإسلامي الذي يمارس فيها الناس عاداتهم الخاصة وتقاليدهم التي توارثوها عن أجدادهم كل حسب أجوائه التي هي نتاج ثقافات وخزين معرفي متنوع وتقاليد متوارثة عبر الزمن وكل بلد يعتز بتلك العادات ويطبقها في اتم شكل

عادات وقيم

في هذا الشهر الفضيل حيث يتمسك العراقيون بعادات وقيم أصيلة مستوحاة من الإسلام تتمثل بكثرة الزيارات بين العائلات وزيادة صلة الأرحام وزيارة المرضى وتقديم المساعدات للمحتاجين، فيما تشكل مسألة تبادل الأطعمة بين العائلات قبل الفطور بوقت قصير نكهة خاصة لهذا الشهر الفضيل

لكن مع التطور الكبير الذي طرأ على المجتمع العراقي واكتساح وسائل التواصل الاجتماعي الساحة العراقية بشكل مفرط وملحوظ وبات استخدامها بشكل لافت حيث ان العراق بجميع الدراسات الميدانية والاجتماعية يأخذ الأرقام المتأخرة فقط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي اخذ المواقع المتقدمة.


وكان لشهر رمضان حصة كبيرة من تلك التغيرات التي طرأت على المجتمع العراقي بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي حيث غيرت نكهة رمضان ولذة تفاصيله في العراق بسبب التعلق المفرط من قبل الناس بهذه الوسائل التي باتت الشيء الأول في حياتهم


اختصار التبريكات

كما ذكرنا انفا ان بدخول شهر رمضان الكريم يتسابق الناس لمصافحة بعضهم وتبادل القبل متباركين بهذا الشهر الفضيل ومن كان له اخ او صديق او أحد اقاربه على خلاف معه يستغل حلول الشهر الفضيل كي يحل النزاع فيما بينهم

بينما اليوم بات الوضع مختلف تماما عن الماضي بمسج أو صورة او حتى فيديو مصور يحل الامر بدلا من التعب والذهاب الى الأقارب والتصافح وكل هذه الامور التي غابت بوجود وسائل التواصل الاجتماعي


وبعضهم يختصر كل هذا بنشر بوست على الفيس بوك يعايد جميع اصدقاءه على الصفحة بدون ان يخصص أحدا او يعتذر من الثاني وبذلك وفر على نفسه مشقة ذلك بالمقابل قد الغي بقصد او بدون قصد اهم العادات.


السفرة الرمضانية

اما وقت الإفطار فيكون التنافس في مواقع التواصل الاجتماعي حول السفرة الرمضانية المملوءة بأجود وأشهى الاطباق الرمضانية بشكل كبير وملحوظ حيث تكون صور المواقع أو الكروبات عبارة عن سفر رمضانية مملوءة بأفخر الاطباق العراقية حتى بتنا نتخيل ان النساء يطبخن لكي ينشر الطعام في الفيس بوك لا لأجل الاكل

فقدان روح الشهر

نرجع قليلا الى الزمن الماضي والذي كانت العوائل العراقية تستغل الوقت القصير قبل الإفطار في تبادل الطعام من سفرهم مع جيرانهم واصدقاءهم واقاربهم احدى العادات الرمضانية المتوارثة والتي تغيرت أيضا مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي وصارت في الوقت الحاضر تتسارع العوائل لنشر صور السفر الرمضانية وتتنافس على جمالية تلك السفرة ومدى فخامة الطعام المعروض عليها


انها طريقة تفتقد الى الإنسانية وروح التفكير او الإحساس بالغير حيث تنشر تلك السفر الجميلة مع عدم مراعاة ظروف الاخرين وحالتهم الاجتماعية هنالك عوائل ليس لديهم ما يفطرون به وينتظرون من يطرق الباب ويتصدق عليهم بالطعام او تكون سفرتهم لا تسد الرمق بينما يرون صور تلك السفر العامرة منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي اين الروح الايمانية التي يجب ان نتحلى بها في هذا الشهر الفضيل؟


صدقات رمضان

اما الصدقات والتبرعات والتي تكثر بهذا الشهر الفضيل رغم ان البعض يتعجب من كثرت المشاريع الخيرية وازدياد التبرعات ودفع الصدقات والاعمال الخيرية عن بقية أشهر السنة لكن وليكن هي بالأساس خطوة جميلة وجبارة وان التزم بها الناس لشهر واحد في السنة فهذا من الأمور الجيدة وربما تشجع على ان تمتد لطول أيام السنة

لكن ان تعطي صدقة لفقير وتتصور معه لكي تخبر الاخرين أنك ساعدته هذا من الكبائر فأين الثواب من ذلك ولم تفكر في شعور ذلك المحتاج وهو يرى صورته وانت تتصدق عليه


مسخ والغاء

لكن ما ذكرناه انفا بات منتشر كثيرا في المجتمع العراقي بالذات بين فئة الشباب الذين هم جيل المستقبل وباتت صور شهر رمضان الجميلة تمسخ وتلغى وتطرأ مكانها تلك الممارسات الخاطئة الى المجتمع لذا وجب على الجميع ان يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بالصورة الإيجابية التي لا تلغي القيم والعادات الاجتماعية الجميلة.