ظهرت في الآونة الأخيرة حالات فردية للانتحار لبعض الأشخاص من الفئة العمرية التي تتراوح ما بين 15 - 35 سنة؛ ومعظم هذه الحالات أقدمت على الانتحار نتيجة تراجع في الوعي وتحت تأثير وضع نفسي متأزم, لأن قرار الانتحار لا يقدم عليه شخص سوي ومتحكم في عقله, فالبعد الشرعي والأخلاقي والإنساني يحرم مجرد التفكير في هذا الأمر.

مجموعة من العوامل تجتمع داخل الإنسان ترجح له فكرة الانتحار ومنها ضعف الإيمان وخيبة الأمل والفشل والضغط النفسي والعصبي الذي يمارسه الآخرون على الشخص وقلة الوعي المشروط بالعقل والإدراك فهناك حالات انتحار لأشخاص في غياب تام للوعي بسبب الأمراض العقلية وهنا طبعا يختلف الأمر كثيرا فمن ينفذ وهو في هذه الحالة تسقط عنه أمور كثيرة تلحق بهذا الفعل بداعي غياب العقل.

وبالعودة للأسباب التي تدفع إنسانا عاقلا للتفكير بهذه الجريمة التي يرفضها ويحرمها الدين والمجتمع فتشير بعض الدراسات أن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي والأفلام والمسلسلات التلفزيونية هي أحد الأسباب الرئيسة التي ربما تسهل التفكير بهذا الموضوع ومن ثم تقوده لاحقا للتنفيذ.

فهناك نسب سجلت في مختلف أنحاء العالم لأطفال منتحرين بسبب تقليدهم لمشاهد تلفزيونية حية تفاعلوا معها بشكل أو بآخر وكنتيجة لضعف الرقابة الأسرية, وقلة الاهتمام, وغياب التحفيز الايجابي مما أدى إلى أن يكون هؤلاء الأطفال ضحية ترويج أفكار سلبية للحصول على نسب مشاهدة.

أما بالنسبة للشباب فان التهور والاندفاع خصوصا في فترة المراهقة يعرضهم غالبا لتلك الأفكار؛ فيما لو كانوا يعيشون حياة أسرية مفككة ويتعرضون لأزمات نفسية وعاطفية دون أن يجدوا موجها ورقيبا يعزز دفاعاتهم النفسية مما يفقدهم ثقتهم بأنفسهم ويدخلهم لدوامات اليأس وخيبة الأمل في الحياة فيلجؤون للتخلص من أنفسهم كوسيلة لإنهاء معاناتهم في لحظات أضعف ما يكونوا فيها وبابتعاد شبه تام عن إيمانهم بالله سبحانه وتعالى.

ولهذا ضروري أن تكون لكل أسرة روابط عاطفية متماسكة, تسهل التواصل والحوار بين أفرادها دون عنف أو ضغط نفسي وأن يستوعب كل فرد في الأسرة مزاج وميول الآخر وأن يتم التعامل مع المراهقين بحذر يتناسب مع حساسية هذه الفترة, وأن تنشأ علاقة صداقة مبنية على الثقة والتفاهم بين الآباء والأبناء لتجنب حالات التمرد والتهور والسيطرة على المشاكل النفسية وحلها بأقل الخسائر.