كثير ما نلجأ إلى مقارنة أنفسنا مع الاخرين, قد تكون في إطار شكلي أو مادي وفي الحالين تسمى مقارنة اجتماعية, وتأتي هذه المقارنات دائما لصعوبة تقبل واقعنا برضا مطلق, وتأخذ المقارنة بعدين على الأقل.. فالأول يسير باتجاه الأفضل منا وبالطبع يكون مردوده سلبيا؛ لأنه يجعلنا نحصر أنفسنا في دائرة ضيقة ويشتت تركيزنا على الأمور التي نمتلكها والتي لو قارناها بالاتجاه الثاني وهم الأسوأ منا لاتسعت مدارات شعورنا بالرضا لاسيما ونحن نثمن ما نمتلكه مقارنة بمن يفتقدها.

المقارنة تختلف كثيرا عن المنافسة, لأن الأولى تفتقر إلى السعي لكن الثانية مزودة بالفعل فالتنافس هو طاقة الإبداع ووقوده, فضلا عن إنه بعيد عن مقارنة أنفسنا بالآخر من حيث كونه أفضل منا لأنه يكون نابعا من الإيمان بالقدرات والأهم بالفروق الفردية مهما كانت كبيرة أو بسيطة, كما أنه يكون دائما ضمن مستوى متقارب أو مستوى أعلى, فلا يعقل أن ننافس أحدا أقل منا في جانب معين, وهذا دليل آخر على البون الشاسع بين المقارنة والمنافسة, فمن الضروري جدا أن تكون مؤمنا بنفسك لأبعد الحدود ولا تضعها بالتوازي مع أحد؛ لأن المنطق يقول إننا مختلفون مهما تقاربت الظروف.. يظل لكل انسان عالمه الخاص بكل مزاياه وعيوبه, والحكمة تقول إن من المهم أن تقارن نفسك بنفسك, فكل يوم عليك أن تفكر بالخطوات التي تحرزها وأنت تكبر وتكتسب الخبرة الحياتية, تثير تساؤلا مفاده: هل أنا الآن أفضل من أمس وهل سأكون غدا أفضل من اليوم؟.

حينما تمضي قدما وأنت تتطلع على ذاتك وتنشغل بها ستحقق نتائجا أكثر إبهارا فيما لو هدرت وقتك وأنت تراقب نجاحات الآخرين وتقارن مزاياهم بعيوبك, ربما تظن إنها عيوبا ليس لشيء سوى لأن غيرك أفضل منك بمقدار معين, في وقت قد تتفوق عليه من جانب آخر وتمتلك نعمة حُرِم منها سواك, وكي تحظى بالسلام والهدوء الداخلي من المهم جدا أن تنأى بكيانك عن دوامة المقارنات.