- أ لن تركب صديقتكِ معنا

- لا هي اعتادت المسير، منذ فترة وهي..

هذا ما التقطته أذناي من محادثة زميلتي مع والدها حتى غادرتْ سيارتهم، إلى متى أستمر بالهروب من السيارات، مرَّتْ سنة على تلك الحادثة وأنا أرهق قدمي حتى لا يتبعثر نبضي أو تفضحني دموعي أمام أحدهم، في كلِّ لحظة تراودني تلك التفاصيل تكاد لا تفارقني حتى في نومي الذي بات لعنة على جسدي، عقلي الباطن غادرته كل الحوادث إلاه، ذلك الوجه الذي لا أستطيع نسيانه وقد بدا أكثر بشاعة في قراءة أحلامي، تفاصيل وجهي التي تتغزل بها صديقاتي صباحًا بتُّ أراه مشوهًا لا يستحق أن تراه المرآة، أو يُعرض أمام الناس، ألبستُه ثوب جريمة ليس له يدٌ فيها، تجنبتُ حضور المناسبات أو السفر حتى لا أجبر على صعود سيارة معينة، حتى تلك التي تمر بجانبي.. أخافها، وقوفها المفاجئ، مع صوت الباب وهو يُغلق كلُّ ذلك أقربُ لأشباح تحاول خطفي، خدر أطرافي أثناء المسير مع دوي السيارات المزدحمة أضاف لي مزيدا من الأسى لان خطواتي تأخذ بالتباطؤ مع حاجتي لارتداء قدم النعامة تلك التي كنا نتابعها في الرسوم المتحركة حينما كانتْ حياتنا لا تعدو عن كونها لعبٌ في باحة صغيرة لا تصلح حتى للعبة الاختباء وشاشة تلفاز تحتاج وقتًا حتى تُظهر صورة برنامجنا المفضل بعد كثيرٍ من خليط اللون الأبيض والأسود، الآن أيقنتُ أنها كانت رسالة!

دخلتُ إلى شارعنا أجرُّ أذيال الإرهاق من صخب الشارع وضجيجٍ آخر صار رفيق الطريق.

جاءتْ زينب تركض لاحتضاني الآن سنصعد الباص معا.. سنعود.. لقد سُجِن.. نجحنا وسن نجحنا، لم أكُ أتصور يوما أن أستطيع أن أوقعه بواسطة صديقتي التي أجادتْ دور الضحية بامتياز أمام كاميرات منزلهم، لتتخذ من والدها المحامي وسيلة ليأخذ حقي بها، عدّتُ إلى المنزل أسمع الشائعات ومعها تواتر مدح الأب المحامي الذي وقف في صفِّ ابنته، نظراتُ عتبي التي سطرتْ حروفها شاكستها نشوة الفرح فرحتُ أقيم احتفالي بعتق قدمي التي ستظفر براحتها بعد عام من المسير أطفأتُ شمعة الخوف ولجأتُ لعناق طويل مع الفراش.