يقع مشهد السيدة نفيسة في أحد أقدم الاحياء الشعبية في القاهرة التي تحمل اسم هذه السيدة الطاهرة وتسمى قديما بدرب السباع او الطريق الذي يسمى اليوم بطريق اهل البيت وهو طريق مشهور هناك يبدأ بمقام الامام زين العابدين وينتهي بمشهد السيدة زينب (عليها السلام) مرورا بالسيدة نفيسة والسيدة سكينة بنت الحسين والسيدة رقية ومحمد بن جعفر الصادق اضافة الى السيدة عاتكة عمة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله).

والسيدة نفيسة من سيدات اهل البيت (عليهم السلام) اشتهرت بالعبادة والزهد وهي محدثة فاضلة وحافظة للقرآن الكريم وهي بنت الحسن بن زيد ابن الامام الحسن (عليه السلام) ولدت في سنة 145 للهجرة في مكة المكرمة و في الخامسة من عمرها الشريف كانت تذهب الى المسجد النبوي وتسمع الى شيوخه وتتلقى الفقه والحديث من علمائه حتى لقبها الناس ب (نفيسة العلم) وتزوجت وهي في الخامسة عشرة من عمرها من اسحاق المؤتمن ابن الامام الصادق عليه السلام وقد وافق ابوها على الزواج بعد ان كان رافضا بعد رؤيا رأى فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمره بتزويج نفيسة من اسحاق.

                      

أم العواجز

رحلت السيدة نفيسة مع اسرتها الى مصر عام 193 هجرية وحين علم أهل مصر بقدومهم خرجوا لاستقبالهم في العريش وكان بيتها ملاذا للناس واحبها أهل مصر حبا جما وكانوا يعتقدون في كراماتها فاذا نزل بهم امر جاءوا اليها يسألونها الدعاء فتدعو لهم واجرى الله على يديها شفاء المرضى والعجزة فسميت ب (أم العواجز) واقبلوا عليها يلتمسون منها العلم حتى كادوا يشغلونها عما اعتادت عليه من عبادات وحينما شعرت ان كثرة المراجعين لها يزعج صاحب الدار قررت الرحيل من مصر ففزع الناس لقرارها ورفضوا رحيلها حتى تدخل والي مصر السري بن الحكم وقال لها ( يا ابنة رسول الله اني كفيل بإزالة ما تشكين منه فوهبها دارا واسعة بدرب السباع وحدد لزيارتها يومي السبت والاربعاء من كل اسبوع فبقيت في مصر 15 عاما الى ان وافاها الاجل هناك كما سجلت المصادر التي ترجمت للسيدة نفيسة الكثير من الكرامات كشفاء المرضى وخلاص المصريين من الجفاف بزيادة ماء النيل.

بعد وفاتها أراد زوجها أن يحملها إلى المدينة المنورة كي يدفنها بالبقيع فعرف المصريون بذلك فهرعوا الى الوالي عبيد الله بن السري بن الحكم واستجاروا به عند زوجها ليرده عما اراد فأبى فجمعوا له مالا وفيرا وسألوه ان يدفنها عندهم فأبى ايضا فباتوا منه في الم عظيم لكنهم في صباح اليوم التالي وجدوه مستجيبا لرغبتهم فلما سألوه عن السبب قال: "رأيت الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو يقول لي رد عليهم اموالهم وادفنها عندهم" وجاء في خطط المقريزي ان اول من بنى ضريحا على القبر هو عبيد الله بن السري والي مصر.


مرقد مبارك

عرفت السيدة نفيسة بأنسها الشديد بالقرآن الكريم فكانت من الحفاظ وقيل انها كانت يغشى عندما تمر بقوله تعالى (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كان يعملون) كما ذكروا انها حجت أكثر من ثلاثين حجة اكثرها ماشية وكانت كثيرة البكاء خشية من الله تعالى وكانت تحيي الليل بالعبادة والتضرع والتهجد كثيرة الصيام وقيل انها حفرت قبرها الذي دفنت فيه بيديها وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرا وختمت فيه المصحف عشرات المرات وهي تبكي بكاء شديدا.

يندرج مرقد السيدة نفيسة ضمن اهم المراقد المعروفة في مصر يقصده يومي الاحد والخميس جموع غفيرة من المؤمنين وقد اعتادوا على اقامة مراسم الزواج في أطراف ذلك المرقد كذلك يحي المصريون ولادة السيدتين نفيسة وزينب عليها السلام في كل عام حيث تجتمع ليلة ميلاد السيدة نفيسة جموع غفيرة من محبي ال البيت (عليهم السلام) اضافة الى الكثير من اهل السنة في حرم السيدة ينشدون المدائح والقصائد ويتوسلون الى الله تعالى بالسيدة نفيسة لقضاء حوائجهم.