يتسلل خلف قضبان الشبابيك بين زوايا الجدران، أثار وقع أقدامه كأجراس تدق بداخلي و تصيبني بالجنون، أضع اصابعي بأذاني تارة وأرفعهم تارة أخرى لأصرخ صراخ كالرعد لا أشعر بنفسي يداي ترتجفان وقلبي يخفق بسرعة عجيبة، أنفاسي متصاعدة أجد صعوبة بزفيرها أنظر لكل شيء من أمامي وأتلذذ بتدميره، أشعر به يتقرب ألي أكثر فأكثر حتى نمتزج معاً وأزداد شراً وألماً, تشتعل عيوني حرارة لا أميز الألم فقد نزفت يدي وارتطمت قدمي بخزانة أمي الثقيلة، فجأة سكت كل شيء ووضحت الرؤيا لدي, نظرت لما حولي وجدت الجميع يحدق بي وقطع الزجاج المبعثرة قد تناثرت من حولي أوراق مقطعة وهاتفي الخلوي مهشم، أنه الغضب تملكني وجعل مني حافة للهاوية، قطع رباط جأشي سببٌ لفقدان اتزاني لعقلي، قبل خمس دقائق كنت كالوحش الهائج يحاول الجميع اسكاته.

الغضب هو حالة نفسية تبعث على الهيجان وهو مفتاح كل الشرور وداعية الأزمات والأخطار، فالشرور جدران أبواب وخزائن تحول بيننا وبينها، لكن عند فتح تلك الأبواب والخزائن سنجد شتى أنواع الشرور التي من شأنها التدمير كما قال الصادق (عليه السلام) "الغضب مفتاح كل شر" وعن الامام علي (عليه السلام) "إياك والغضب فأوله جنون وأخره ندم"، كما أن الغضب هو جند من جنود ابليس أي أنه الدعم اللوجستي لإبليس فهو أداة تحقق له النصر بارتكاب الأنسان لتلك الشرور، فأكظم غيضك ما استطعت وزين نفسك بزينة الحلم، فهو سبب لكل سوء ولعل شدته تؤدي بصاحبه إلى موت الفجأة والأضرار الصحية الوخيمة وعن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) "الغضب يفسد الأيمان كما يفسد الخل العسل" ، أما عند زوال الغضب فستصاب بالخيبة والندم وينظر أليك الأخرون باستصغار تام وإذا قلت أن الغضب صفة فطرية أي لا يمكن التخلص منها، فالغضب لم يكن صفة سلبية بل هي صفة فطرية إيجابية وهي جزء هام لبقاء الإنسان والدفاع عن نفسه من خلالها فلولا الغضب لما استطاع الأنسان حماية نفسه وأهل بيته من مخاطر الأعداء، إلا إن الإفراط باستخدام الغضب تكلفة باهظة وعواقب خطيرة عندما يتجسد بصوره عنف في المنزل أو في أي مكان آخر في المجتمع.