أبو الفنون وأولها (المسرح) الذي عرفه الانسان منذ بواكير وجوده على هذه الارض؛ كونه أقرب وسيلة للتعبير عن الصراعات النفسية والملحمية, الفن التربوي بل الفن الانساني بامتياز, يمكن للمسرح أن يقوض مظاهر الظلم ويظهر الحقائق التاريخية والمعاصرة بتجلي, كما يمكنه غرس كثيرا من المفاهيم وتصحيح جملة من المعتقدات, فهو أداة حسية تلغي كل الحواجز بين المشهد المسرحي والمتلقي؛ لذلك لازال المسرح سيد الموقف حينما تكون القضية عظيمة.


دور المسرح

دأبت إدارة العتبة الحسينية المقدسة على الاهتمام بالفن المسرحي لإيمانها بقدرته على نقل الصورة التاريخية بأمانة, فضلا عن دوره التربوي فيما يخص مسرح الطفل, إذ شهدت خشبة البيت الثقافي في كربلاء المقدسة كثيرا من العروض المسرحية المهمة على المستوى المحلي والدولي برعاية وتوجيه خاص من قبل سماحة المتولي الشرعي الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه).


مهرجان شهيدة المنحر

يبين السيد الدكتور سعد الدين البناء عضو مجلس إدارة في العتبة المقدسة حول مهرجان (شهيدة المنحر قدوة وأسوة) المُقام اليوم الثامن عشر من أيلول الجاري السبت على خشبة مسرح البيت الثقافي قائلا: " من أهم البرامج المتزامنة مع ذكرى فاجعة كربلاء, إقامة مسرحية تحاكي ذكرى استشهاد السيدة رقية (عليها السلام) بمشاهد مؤلمة سبيلا لاستنطاق هذه المصيبة على الرغم من التراكم الزمني الفاصل بين التاريخ وبين الأحداث المعاصرة التي أعادت مشهد استشهاد عزيزة الحسين (عليه السلام) حزنا وكمدا على أبيها من خلال ربط القضية ببنات الشهداء السعداء الملبون لنداء المرجعية الذين بذلوا مهجهم دون الارض والعرض والعقيدة, فما خلفوه وراءهم من ايتام وأرامل ومسؤوليات كثيرة تحتاج من المتصدين للمسؤولية أن يكون لهم دعما استثنائيا.. وهذا تحديدا ما تم توجيهنا به من قبل سماحة المتولي الشرعي الذي يؤكد على الرعاية الخاصة لذوي الشهداء لاسيما الايتام, وهنا أؤكد أن حضور اليتيمات لمشاهدة مسرحية تعبر عن مصيبة السيدة رقية (عليها السلام) تساعد كثيرا في تخفيف جراحهن من خلال التأسي والتصبر بالمصيبة الأعظم".

وأضاف الدكتور البناء حول تفاصيل السيناريو والأداء: " 9 أيام من التدريب كانت كافية مع السيناريو المكتوب بعناية والجهود المبذولة من قبل الفريق المسرحي بدليل إن الأداء كان رائعا بشهادة الحضور من المختصين ولاسيما الطفلة التي أدت دور السيدة رقية (عليها السلام), حيث كان الأداء مقنعا ومؤثرا وهنا تكمن قوة المسرح من حيث التأثير والتفاعل الآني عاطفيا وفكريا.


حضور نوعي

ومن الجدير بالذكر إن الحضور كان متنوعا بين نخب مثقفة ومختصين في الشأن المسرحي بحضور رئيس فرع نقابة الفنانين في كربلاء الدكتور علي الشيباني, وبين جمع كبير من مدارس السيدة رقية (عليها السلام) ابتدائية وثانوية للإناث اليتيمات, ومدارس علي الأكبر (عليه السلام) ابتدائية وثانوية للأيتام الذكور؛ علما إنها هذه المدارس الأربعة هي إحدى مؤسسات الإمام الرضا (عليه السلام) الخيرية التابعة لممثلية مكتب سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف), فضلا عن مدرسة أولاد مسلم وروضة السيدة رقية التابعتين للأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة.


(أيتامنا).. قرة الأعين

وفي سياق متصل يؤكد الدكتور البناء: " تُولي العتبة الحسينية المقدسة اهتماما خاصا بشريحة الأيتام؛ إذ تؤمن الاحتياجات الكاملة لتعليم الأيتام تعليما جيدا فضلا عن تأمين لوازمهم الدراسية والطبية والغذائية, ويتولى مركز الحوراء زينب (عليها السلام) التابع للعتبة المقدسة رعاية ذوي الشهداء؛ إذ ينظم برامجا خاصة ترفيهية للأيتام وعوائلهم فضلا عن دعمهم ماليا ومعنويا, وترميم بعض الدور المتهالكة أو إضافة بناء لضمان حياة كريمة لعوائل الشهداء وهذا يعد أبسط ردا؛ عرفانا بجميل ما قدموه من أرواح في سبيل الوطن". 

تحرير إيمان كاظم