غالبا ما تأسرنا الأشياء تحيط بنا من كل جانب، توقعنا في فخ التعلق بها، فننحدر طوعا لها دون الشعور بضرورة وجود حبل يعيدنا الى ذواتنا من دونها، ومثلها الأشخاص نتقيد بهم بكلمة منهم يتغير طقسنا من عاصف الى ممطر ومنه الى ربيع ثم نذهب الى خريفٍ مقيت، نشعر ببرده، يحاوطنا ظلام ليله، لنعيش ساعات طويلة من الظلام دون فجرٍ يذكر، نربط زمامنا بما يريدون، نتلهف لابتسامة منهم، ونرمي أنفسنا في نار وجعهم، نجعل منهم قطب أيامنا، وماذا بعد؟

عندما نفتش عنا نجدنا في لجة الضياع، لا نحمل منا سوى الاسم، وهو أيضا قد ربطناه بنطقهم، هذا الانجراف الكبير اللامتوازن بالتعلق يوهمنا بسعادة مؤقتة تتحول الى هجوم عنيف من الوجع بعد فقدانها، لأننا ببساطة ضيقنا دائرة وجودنا بشيء أو بشخص، وتركنا الرحب الأوسع الذي سخره لنا الله، مُسوّرين انفسنا بهذه الأمور الصغيرة جدا!

فلا أعتقد أن العلة الغائية لوجودنا هي الاحاطة بما يظنه الآخرون بنا، أو مشاعرهم تجاهنا، أو حتى سيل اتهاماتهم، ونظراتهم

فلا تعينك كلمة الفصل التي نتلاقها منهم عنا، فهي تخصهم دوننا، بوصلة ذاتك يجب أن تشير إلى طريقٍ أنت سيده، لا ضير أن تتلاقى بطرقهم وتتقاطع معهم، لكن يبقى سبيلك لك، تحكمه بما تريد، وبما يريده مَنْ صنعك

لم أسمع يوما أسيرا لشخص أو شيء استطاع الوصول بل مصيرهم ينتهي الى الفناء فقد مات مجنون ليلى في البراري، وذاك نمرود قتله قصره وجبروته، أما مَنْ ذهبَ وراء ذاته لم يهمه ثمن إقامة الجدار، فكتَبتْ له خلودا منفردا، وذلك التي ترك الخلق طرا فقد أصبح اسطورة الخلود التي يُحتفى بها مدى الدهر.

ضمياء العوادي