من منطلق الوفاء لأسماء مناضلات عراقيات حملن جراحات الوطن على اكتافهن وقدمن ارواحهن في سبيل حياة كريمة بعيدة عن الظلم والديكتاتورية، سجينات وشهيدات كن رمزا مشرفا لكل معنى البطولة والصمود بوجه الطغيان, ومن دواعي المسؤولية سنكتب في هذه السطور استذكارا مسورا بالفخر لتوثيق تضحياتهن الخالدة.

هو تاريخ بلد حمل في طيات صفحاته قصصا مروعة ومضرجة بدماء أناس أبرياء، نساء ورجالا وأطفالا، عذبوا وقتلوا على أيدي عناصر الأجهزة القمعية لذلك النظام, ومهما كانت التسميات التي أطلقت على ذلك العام من تحرير وسقوط وإطاحة أو احتلال وغزو، فان ضحايا ذلك النظام وعوائلهم يؤكدون انه كان عام الخلاص من ديكتاتورية بشعة.

من الاسماء اللامعة التي طرزت اسمها سجل الشهادة:

الشهيدة الدكتورة عقيلة مسلم ابو الدخن.. ولدت في مدينة كربلاء المقدسة في قضاء طويريج العام 1956 وهي البنت الثانية للعائلة، عرف عن والدها مسلم عبود تدينه وحسن خلقه اكملت عقيلة دراستها الابتدائية والثانوية، بعدها دخلت جامعة بغداد ودرست في كلية الطب, عرف عنها التدين وعمق التقوى منذ نعومة اظفارها وكانت تتصف بطيبةالقلب والخلق الحسن ، طابعها الهدوء في التعامل، وكانت بشوشة تكاد لا تفارقها الابتسامة.

في كلية الطب وجدت ارضية صالحة لممارسة النشاط الاسلامي فكانت لا تدع فرصة تمر دون ان تستثمرها وكانت في تواصل مستمر مع الشهيدة الدكتورة ساجدة مجيد لفتة التي كانت معنية بالشأن الجامعي، انهت دراستها العام 1980م وتم تعيينها في ناحية ابو غرق في اطراف مدينة طويريج.. واستمرت في عملها مدة سنة واربعة اشهر، تقدم لخطبتها احد الشباب المعروفين بأخلاقهم الطيبة ونضالهم الجاد وتم عقد قرانهما في اجواء تعبق بالإيمان والمودة.. واهتم الاثنان بنشر الوعي الاسلامي بين اوساط الشباب.

وفي يوم شتائي قارس البرودة من ايام 1982 هاجمت قوة امنية منزلهم في كربلاء ولم تكن عقيلة فيه فتم اعتقال شقيقها الوحيد عقيل من قبل مديرية امن طوريج وبعد ذلك بيومين اعتقلت الدكتورة عقيلة مع خطيبها واسرته ومنهم الشهيدة ناهدة فاضل عبد من قبل مديرية الاستخبارات في  بغداد واعتقلت ايضا شقيقتها الشهيدة ابتسام التي تصغرها بعامين.. وتعرض الجميع الى تعذيب وحشي ومستمر فاستشهدت اثناء التعذيب, ولم تسلم جثتها الطاهرة الى عائلتها وبقيت الاسرة تعيش شوق الانتظار في خروجها من السجن، الى ان هذا الشوق كان يتيما فلم يعثروا على أي اثر  حتى بعد سقوط النظام البعثي البائد.. ولا على عن اخوها وزوجها وشقيقتها ابتسام.

وهذا هو ديدن النظام الجائر الذي غيب واعدم العديد من المناضلات.. الا ان عطر جهادهن وقصصهن لازالت عالقة في صفحات الكتب وسجل النضال النسوي العريق.

سعاد البياتي