لنقف على سفح جبل عالٍ وننظر من بعيد الى سجل البشرية من سيدنا آدم (عليه السلام) الى زمننا الحالي لا نرى تجدد يوم الاربعين الا لثلة من المؤمنين وهذا الامر يثير العجب فعلا؛ يحرك دفائن عقولنا يجعلنا نفكر ما الذي قدموه في حياتهم؟ لتحيي ذكراهم كل عام بنفس الألم بل اكثر، الا يا ترى يا من تقرؤون مقالي أ لم ينتابكم شعورا غريبا يثير اذهانكم بمجموعة استفهامات حول ما جرى؟

نعم هؤلاء هم أمامنا الحسين (عليه السلام) واهل بيته وصحبه الميامين في واقعة الطف عام 61هـ عندما استشهدوا الرجال باستثناء الامام علي بن الحسين (عليه السلام) وتم سبي النساء والاطفال من العراق الى الشام لتبقى وصمة عار في تاريخ بني امية لما فعلوه بأبن بنت نبيهم وامام زمانهم في ذلك الوقت والتي كانت السبب الرئيسي بان يموت ذكرهم ووجودهم, وتبقى اللعنة عليهم الى يوم الدين بدءا من لسان المعصوم في زيارة عاشوراء "اللهم العن بني امية قاطبة.....", وما ورد عن الامام الحسن العسكري (عليه السلام) قوله "علامات المؤمن خمس: الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وتعفير الجبين والتختم باليمين وصلاة احدى وخمسين وزيارة الاربعين" فجعلت حسب قول الامام من علامات المؤمن بأدلة معتبرة وروايات متواترة.

ففي كل عام تتهافت القلوب من كل حدب وصوب نحو زيارة كربلاء بحيث اصبحت وسام شرف لكل من يشارك فيها وباب لإجابة الدعوات ولراحة الافئدة وسعادة غامرة تحكيها قصص وروى اصحابها.

اي اخلاص حملت هذه الفئة واي تقوى وايمان راسخ حملهم للصبر والاحتساب للباري بدمائهم الزكية فنجد عز وجل في كتابه يقول "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله اموات بل احياء عند ربهم يرزقون" فاضت ارواحهم الطاهرة اليه ففاض عليهم حياة ذكرهم وعلو شانهم والابتهال لله بمكانتهم تقضى حوائج المتوسلين فهم ملكوا مشاعر محبيهم بتضحياتهم الفريدة, فكلما تتجدد قراتنا لموضوعهم نجد سحر خاص واسرار وفيوضات الهية ربانية تعبر عن طهر ارواحهم وعقيدتهم الثابتة مهما حركتهم الرياح ولو كان الثمن حياتهم, لنحاول نستمد  منهم العزيمة والاصرار بالمواقف التي لا تلبث تمحص المرء وتغربله ليظهر معدنه الاصلي من غيره, فحياتنا مرهونة بأعمالنا ومصداق لها, قال تعالى في محكم كتابه "فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره".

ليتجدد الاربعين ونحن نحمل صكوك الشفاعة وتذاكر المرور ففرحة اللقاء ومعانقة الامل المنشود يوقظ فينا كل حين الاستعداد والتأهب والاستزادة دائما من الحياة كالغيث الذي ينسدل على ارض صحراء قاحلة ينبت انواع الزرع والزهر.

باستلهامنا دروس العبر والاعتبار تفيد السالك بطريقه كنبراس من دونها ظل وتاه كالقمر؛ لابد يستضيء ويعكس نوره عليه.

1- مستدرك الوسائل –ج 5- ص129 و جامع احاديث الشيعة ج5 ص453

2- سورة ال عمران ايه 169

3- سورة الزلزلة اية 7,8

عهود نايل