نشهد كلنا أن التطور الطبي في هذا القرن قد بلغ ذروته, وحقق في الميدان النظري والتطبيقي دراسات لم يتنبأ بها العقل البشري؛ واليوم تم تنظير علاج مختلف من نوعه وهو التداوي بالأدب، حيث أصبحت القراءة وسيلة مهمة لعلاج كثير من الأمراض النفسية والجسدية والروحية على حدٍ سواء، وهناك أكثر من 751 كتاب يدخل في وصفات علاجية لمختلف الحالات المرضية ومن بينها هذه الروايات: «ساعي البريد يدق جرس المنزل مرتين» لعلاج اللامبالاة وجمود الإحساس، «اللا طمأنينة» لعلاج الأرق، «الأمير الصغير» لعلاج الإهمال، «ثمن الملح» لعلاج مرض الحب، «مئة عام من العزلة» لعلاج فوبيا الخوف، «الصرخة الآتية من بعيد» لعلاج البدانة، «اصرخ يا بلدي الحبيب» لعلاج الغضب الشديد وما يؤدى إليه من أمراض الضغط ،«ذهب مع الريح» لعلاج التكبّر والخيلاء، «أغاني الثوم» لعلاج كراهية الآخر...الخ ، وهذا النوع من العلاج بالذات يحاكي العقل الباطن ويحرك الغرائز البشرية ويقومها في الوقت ذاته وأرى بأنه يضرب عصفورين بحجر حيث ينتشل المرضى من معاناة الألم وتواضع الثقافة إلى أصحاء ومثقفين، فطاقة الأدب قادرة على تغيير شخصية الإنسان كثيراً مما يجعله شخصاً منتجاً يفكر خارج الصندوق، يواكب التطور الحاصل في شتى مجالات الحياة، ينظر للمشاكل من زوايا مختلفة، يطور من ذكاءه اللغوي مما يجعله ينتقي الكلمات المناسبة في وقتها المناسب، والأهم من كل هذا يقدر قيمة الوقت الذي يمضي دون توقف ويلتهم من أعمارنا دون أن نشع ، وكما قال الأديب عباس محمود العقاد (لا أحب الكتب لأنني زاهد في الحياة، ولكنني أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني)، فالكتاب الواحد يمنح لقارئه حياة جديدة، تجربة مميزة، تحمل بصيرة القارئ إلى أي مكان وكأنه رحلة عبر الصفحات ومع الشخصيات إلى مختلف الأماكن فتلهمه خيال أوسع فأوسع وبنظر آينشتاين (الخيال أهم من المعرفة) فالإنسان بغير الكتاب يبقى في الدرك الأسفل من الجهل والشعوب تتطور بقّرائها ومثقفيها، كما أن القراءة رحلة لاكتشاف النفس واكتشاف العالم الحقيقي عبر عيون الأحرف، فما وراء الكتب أعمق مما نتصور فأبحر مع الكتب لتجد نفسك وتجد لها ما تريد...

هاجر الأسدي