نص حق السائل وفق ما ورد في رسالة الحقوق للإمام السجاد (عليه السلام):

(وأما حق السائل فإعطاؤه إذا تهيأت صدقة، وقدرت على سد حاجته، والدعاء له في ما نزل به، والمعاونة له على طلبته، وإن شككت في صدقه، وسبقت إليه التهمة، ولم تعزم على ذلك لم تأمن من أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك، وتركته بستره، ورددته رداً جميلاً، وإن غلبت نفسك في أمره، وأعطيته على ما عرض في نفسك منه، فإن ذلك من عزم الأمور).

لو صدق السائل!

يورد الإمام السجاد (عليه السلام) في حق السائل جملة من التوصيات الإنسانية التي من شأنها أن تبني نظاماً اجتماعياً قائماً على مبدأ التكافل, إذ ينص هذا المبدأ على الانفاق في موارد الصدقة المباشرة, ورفد المشاريع الخيرية بما تحتاجه لحماية المحتاجين ورعايتهم, وهنا قد يتسرب الشك حول الاستحقاق.. فمن البديهي أن الصدقة لا ينبغي أن تمنح للمكتفي ولكن!

ما هو السبيل الذي يؤكد استحقاق المحتاج من سواه على الرغم من سؤالهما الصدقة؟

(من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة).. نعم هنا تدخل نية إكرام السائل بغض النظر عن حقيقة استحقاقه, لأن هذا العمل هو قربة إلى الله تعالى وأجره عنده سبحانه كما قيل (لو صدق السائل لهلك المسؤول)... وعليه فإن لأجل هذا السبب ذكر الإمام (عليه السلام) في جملة الحقوق حق السائل على المانح والمعطي لأنه لا ينبغي أن يحرجه قبل المنح بأي شكل من الأشكال.

رد السائل

نصادف في حياتنا اليومية كثيراً من المواقف المتعلقة بإطار السائل, فهناك من يسأل المساعدة بشكل مباشر, وغيره من يسأل المساعدة بشكل غير مباشر لحيائه من طلب العون, وفي الحالتين قد يتعذر علينا مد يد المساعدة في كل موقف؛ لذا نكون أمام خيار رده وهنا نكون أيضاً مكلفين بأداء حقه علينا حتى في جانب الرد وهو أن نتلطف بالقول والأفضل أن نعينه بالدعاء والابتسامة حتى لا نحقر طلبه الذي دعته الحاجة إليه, وفي السياق ذاته لو تمكنا من منحه سؤله وأعاننا الله على العطاء أيضاً علينا كفالة حقه بأن يكون هذا المنح بشكل يتلاءم مع طبيعة الفعل وان لا يكون القصد منافي لهذا العمل؛ لدواعي التظاهر أو الإذلال (معاذ الله), فأجر الصدقة ومؤازرة المحتاج عظيم عند الله على أن تكون النية سابقة للعمل.. والعمل متمم لنية صادقة.

حجر أساس

كل البنود التي تضمنتها رسالة الحقوق للإمام السجاد (عليه السلام) تحتاج أن تكون حجر أساس في بناء شخصية كل فرد, ومن المعروف أن مرحلة الطفولة هي الأهم في تحديد انطلاق الانسان ومساره في الحياة, ولو سلطنا الضوء على حق السائل في هذه الزاوية نجد أن الطفل يقلد ويحاكي كل ما يراه أمامه من مواقف وتوجيهات, ويرى كثيراً من الأطفال آباءهم وهم يبذلون اموالهم لمساعدة الأخرين بأشكال مختلفة.. ومهم أن نرسخ هذه المفاهيم في داخلهم بأن نشرح لهم إن الجهر بالعطاء هو ليس هدفاً لكنه درساً حقيقياً نود أن يستلهموا منه هذا التوجه المحبب عند الله, فلا داعي أن نخبر أحداً ونحرج السائل أو نستغل الظرف لنبين إننا نتحلى بصفة الكرم, بل نحاول أن نعلم أطفالنا بطريقة غير مباشرة بجدوى الإحساس بالآخرين لأن من لا ينسى الناس ستذكره المواقف بالخير دائماً على عكس من ابتعد عنهم فلن يذكره أحداً لا في الضيق ولا في الرخاء.

إيمان كاظم