هذه السنة لم تكن كسابقاتها.. نعم تتوحد السنين بعدد الأيام, بتعاقب الفصول, بملامح المواسم, بنكباتها وأزماتها, بدهشتها, وبفرحها الخجول... بألوان الحب والدم وبلا لون الدمع!
لكني مصرة إن هذه السنة مختلفة.. ليس لأنني كبرت فيها سنة أخرى, ولا لأنها اصابتني بداء الحسرة, ولا حتى لأنها أفرغت ما في جعبتها من قسوة على حِجْر الانتظار... لا؛ ليس لأجل كل هذا بل لأني ما زلت أعيش لحظاتها الأخيرة, ولم يقتحم النسيان أسوارها بعد..
هكذا نحن نشعر جداً بوجع اللحظة.. ببقايا دفء الحنين, ببحة الصراخ, بأطلال ملح الدمع على الوجنات, وحتى بمذاق السعادة الذي لم يذب في فم الروح بعد.
نشعر وكأن كل ما طاف من السنين لم يكن.. نحس بقوة الوقت الذي نعاصره, بتمام الساعة التي نعيشها, وكل ما نرجوه حينها السلام...
هل قلت السلام؟
نعم.. والسلامة؛ سلامة القلب والروح والعقل.. سلامة النوايا, سلامة الأفعال, سلامة البدن وحتى سلامة الذكرى!
أن نعيش بسلام وحسب..
لذلك أود أن أقول لهذه السنة قبل أن تلفظ دقائقها الأخيرة.. سترقدين بسلام ككل سنة أنجبت من رحم التقويم سنة أخرى لترحل إلى لا عودة في وادٍ غير ذي رجع!
لنعيش سنة أخرى مسلوبة الحق بتغيير قانون القدر... أما نحن فمن يستحق أن يُلام لستِ أنتِ.. نحن من هدرناكِ دون حرص على أيامك مع بالغ اليقين بأن لحظاتكِ لن تعود مهما فعلنا, كورقة توت عاجزة في مهب الريح.. ستسقط؛ حتماً تسقط دون أمل بالمراهنة على البقاء...
نحن من نُكرر ونَتكرر ونكِر ونفِر من أنفسنا.. لا أنكر!
نحن من نعود ونعتاد ونعيد الغفلة تلو التوبة
بل نحن من نشقى ونستدل على سبيل الراحة ونبقى!
نلومكِ علامَ؟؟
من يرتكب الحياة نحن أم أنتِ؟
لكن قبل أن ترحلين وتُخلًّدين في طيات سجلاتكِ تفاصيلنا المعلنة والسرية, تذكري إننا بشراً لا حول لنا.. ولنا بعض القوة...
حسناً أمضِ على مضض.. فلو كان الأمر بيدنا لعدنا إلى سنين طوال خلت, وربما إن عدنا لن يكون إلا ما كان...
وها نحن نكتب في وداع كل سنة كلمات تبوح بلسان حال إنسان!
إيمان كاظم
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري