الحلقة السابعة

الشجاعة عند علماء الأخلاق هي إطاعة الغضب للقوة العاقلة والإقدام على ما يحسنه الشرع والعقل مع استلزام اجتياز وتخطي لبعض الصعوبات التي يتطلبها الإقدام على هذا الفعل.

ولو أرادت النفس التوهيم والخلط لأجل تغيير هذا المفهوم في الذهن فتقوم باستحسان بعض الأفعال التي لا تتناسب والفضيلة التي نحن بصددها,  مثلا اقتحام ما يؤدي إلى الهلاك كالارتماء من الشواهق, ودخول ألأماكن المخصصة للضواري المهلكة على إن هذا من الشجاعة والإعراض عنه من الجبن, وفي الحقيقة هو ليس كذلك  فلا كل إقدام على فعل في تخطي لصعوبات  يحسب  شجاعة ولا عدم الإقدام يحسب جبنا  كما سنوضح في الرد على إشكال النفس ونقول :

هناك مفهوم عند بعض علماء الأخلاق وهو : (الفضيلة بين رذيلتين ) .

ومعناه لو اخذنا فضيلة الشجاعة مثالا التي تعد من الفضائل الحميدة ولا يستطاع نيلها إلا في التوسط بين رذيلتين أي على مستوى الإفراط والتفريط  فإذا تم الإقدام على فعل يستوجب اقتحام مهالك كما ذكرت آنفا فهذا لا يعد شجاعة بل تهورا وهو على نحو الإفراط, أما إذا تسكن النفس عن الإقدام حتى على ما يستحسن فذلك يعد جبنا وهو من  ناحية التفريط.

وبما تقدم من رد يكون واضح لدينا إن الشجاعة فضيلة بين رذيلتين وهما التهور والجبن, الأول يكون حين الإفراط والثاني حين التفريط, وعليه قد تصحح ذلك المفهوم الخاطئ التي حاولت النفس أن توهمنا فيه حتى لا نحصل على الخصال الحميدة كما هو ديدنها على الدوام.

أحمد الزبيدي