من قال إن الطفل لا يدرك لغة الحب كما يتقنها الكبار؟
وهل التعبير عن الحب بالكلام أكثر تأثيرا من التعبير عنه بصور أخرى؟
وتساؤل أخير وليس آخرا هل يحتاج أبناؤنا للحب الصامت أم المعلن؟
هذه التساؤلات وغيرها لابد من البحث عن أجوبة علمية لها, ولكن العلم لا يفسر جميع الظواهر وخصوصا فيما يتعلق بمشاعر الإنسان في مختلف مراحله العمرية, لذا فأن مسألة العاطفة وعلاقة الأبوين مع طفليهما تتجلى في تجاربنا, فثمة من يغدق على طفله حبا وهذا بالتأكيد أمر غريزي ألا إن هذا الزخم العاطفي يكون واضح ومن خلال ممارسات تفاعلية, فعملية الإرضاع مثلا تكون علاقة متعددة الأبعاد فهي إرواء وتغذية ومصدر تفاعلي لإدرار الحنان والأمان للطفل بصورة ظاهرية؛ كون هذه العلاقة تكون على شكل احتضان وتلامس مباشر, فيما بعد وفي فترة الفطام يبدأ الطفل بالانفصال أو الحرمان من ذلك الاحتضان بالمدة الزمنية ذاتها كما في فترة الرضاعة, وهنا الطفل لا يمكنه المطالبة بجرعة من الحب والأمان, ولكن ما أثبته علماء النفس والفقه أيضا إن الطفل يحتاج إلى الضم في حضن والديه بشكل دائم, وذلك لدوره في تعزيز دفاعاته النفسية ويمكنه من التخلص من مجمل الصفات السلبية ورواسبها, ويوطد العلاقة مع والديه فيما بعد, وكثير من الامور الايجابية التي لا يلتفت لها معظم الآباء, بل يذهب البعض إن احتضان وتقبيل الصغار مدعاة لتدليلهم وإفساد سلوكياتهم, وهذا حتما تصور خاطئ, فممارسة التودد وإظهار الحب له ظروفه الخاصة أي لا يكون في أي وقت أو بعد فترة وجيزة من اقترافه لسلوك سيء مثلا, بل تأتي العاطفة على شكل ثواب على تصرف جيد, أو عند ايقاظهم في الصباح, وقبل النوم وفي أوقات إصابتهم بالأمراض, فمحبتنا التي تتلخص بتهيئة مستلزمات الحياة لهم لا تكفي لمد جذور متينة لتقوية العلاقة وبذر الثقة المطلقة, وتعويد الطفل على التخاطب بلغة الحب ومساعدته على الشعور بقيمته ومكانته, أما إدرار العاطفة بصورة منطقية يهبهم المناعة النفسية الكافية لحمايتهم من العقوق في كل صوره.
إيمان الحجيمي
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري