خُلِق الانسان وهو بحاجة إلى الموعظة الحسنه والنصيحه السديده في مشوار حياته الكامل ، لكي تستقيم خطواته وتهذب افعاله .
فالموعظة ضرورية ولا بد منها لإيقاظ النائمين، وتذكير الغافلين ... وهي ماجاءت به الرسائل السماوية المنزلة على المرسلين من الأنبياء وأهل البيت عليهم السلام.
لذا علينا الإتعاظ بتقلبات الدنيا ومكرِها وغدرِها وخذلانها ومفاجآتها وبطشها، وكيف إنها تجعل الغني فقيراً والصحيح عليلاً، والقويَّ ضعيفاً، والحاكم محكوماً... والحيَّ ميتاً، بين ليلة وضحاها.
وأن نأخذ العبرة والحكمة من منهاج أعظم ماخلق رب السماوات والارض " أهل البيت " ( عليهم السلام )  فنستمع لما قاله أمير المؤمنين الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام ) في وصيته لإبنه الإمام الحسن (عليه السلام ) ، وهي من أبرز الوصايا في نهج البلاغة المباركه، واعظاً له من غدر الدنيا ومكرها:

(( أحْيِ قَلْبَك بالمَوْعِظَة، وأمِتْهُ بالزَّهْادة، وقَوِّه باليَقِين، ونَوِّرْه بالحِكْمَة، وذَلِّلْهُ بِذِكْر المَوْت، وقَرِّرْه بالفَناء، وبَصِّرْه فجائِع الدُّنيا، وحَذِّرْه صَوْلَةَ الدَّهر، وفُحْشِ تَقَلُّبِ اللَّيالي والأيَّام، واعْرِض عليْه أخبارَ الماضِين، وذَكِّرْه بما أصابَ مَن كان قبلك من الأوَّلين، وسِرْ في‏ ديارِهم‏، وآثارِهِم‏، فانْظُر فيما فَعَلوا، وعمّا انتقلوا، وأيْنَ حَلُّوا ونَزَلُوا، فإنَّك تَجِدُهُم قد انْتَقَلُوا عن الأحِبَّة، وحَلُّوا ديارَ الغُرْبَة، وكأنَّك عن قَلِيلٍ قد صِرْتَ كأحَدِهِم، فأصْلِح مَثَواك، ولا تَبْعِ آخِرَتَك بدُنْياك )) .

المصدر : مكاتيب الأئمة عليهم السلام ؛ ج‏1 ؛ ص539

 

وكذلك يجب ان نبحث ونقرأ عن تجارب السابقين من الحكام والملوك وفراعنة الأرض ... فننظر إلى آثارهم ، قصورهم ،دولهم ، ممالكهم ،أموالهم ونسائهم.

كما ننظر إلى مقابرهم ونتساءل: مَنْ منهم إنتقل بإرادته وقراره، ورضى بموته على حياته؟... ومَنْ منهم لا يحسر على أعماله؟ ... ومَنْ منهم بقيَ ذكرهُ وعلا أثرهُ؟ .. ومن يمكنه في يوم من الأيام أن يصبح كأحدهم؟.

ثم يذكر سيد الأوصياء (عليه السلام )لإبنه الإمام الحسن ( عليه السلام) في موعظة أخرى :

 (( ثُمَ‏ إِنَ‏ الدُّنْيَا دَارُ فَنَاءٍ وَ عَنَاءٍ وَ غِيَرٍ وَ عِبَرٍ فَمِنَ الْفَنَاءِ أَنَّ الدَّهْرَ مُوتِرٌ قَوْسَهُ لَا تُخْطِئُ سِهَامُهُ وَ لَا تُؤْسَى جِرَاحُهُ يَرْمِي الْحَيَّ بِالْمَوْتِ وَ الصَّحِيحَ بِالسَّقَمِ وَ النَّاجِيَ بِالْعَطَبِ آكِلٌ لَا يَشْبَعُ وَ شَارِبٌ لَا يَنْقَعُ وَ مِنَ الْعَنَاءِ أَنَّ الْمَرْءَ يَجْمَعُ 251 مَا لَا يَأْكُلُ وَ يَبْنِي مَا لَا يَسْكُنُ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا مَالًا حَمَلَ وَ لَا بِنَاءً نَقَلَ وَ مِنْ غِيَرِهَا أَنَّكَ تَرَى الْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً وَ الْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً لَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا نَعِيماً زَلَّ وَ بُؤْساً نَزَلَ وَ مِنْ عِبَرِهَا ))

المصدر : نهج البلاغة ، ص: 170

 

طاب ثغر الحكمة والموعظة الحقة التي تنمي النفس نحو مدارج الرقي والكمال ، ويبقى لنا في الأخير ان نسأل : ألم يحن بعد موعد اليقظه وترك الغفله ، وتصويب النظر على ما جاءت به النفس من ذنوب لمحوها من بعد ذلك العناء في هذه الحياة 
لذا علينا ان كنا نرجو لقاء الله بقلب سليم وعمل مستقيم النهل من تلك المواعظ الكريمة التي املأها لنا مولى الموحدين وإمام المتقين ،حيث لابد من صحوة تخترق جوارحنا قبل فوات الاوان لنفوز ونهنأ في الدارين دار الدينا والاخرة .

 

 إعداد منتهى محسن محمد