في أجواء شهري محرم وصفر حيث يمتزج الحزن بالمحبة، وتعلو رايات العزاء وتُحيى المجالس الحسينية، لا يقتصر الأمر على البكاء والمآتم، بل تتجلى الروح الحسينية في كل تفاصيل الحياة اليومية، حتى في الطعام، ومن أبرز المظاهر الشعبية التي ترتبط بهذه الأشهر في العراق هي الهريسة، تلك الوجبة التراثية العريقة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، وتُقدَّم في مواكب العزاء كنوع من النذر والمواساة والمشاركة المجتمعية.

الهريسة ليست مجرد طبق يُطهى ويُوزع، بل هي رسالة حب وولاء وارتباط بجذور المأساة الحسينية، يعود تاريخ هذا الطبق إلى قرون مضت، وقد ارتبط اسمه وفعله بالمآتم الحسينية، حيث يُطبخ في الليالي العاشورية ويُوزع على الزائرين والمشاركين في المجالس الحسينية.

الهريسة تُطهى عادة في قدور ضخمة، وغالبًا ما يُشعل لها الحطب وتُحرّك بأيادٍ تطوّعت محبة للإمام الحسين وأهل بيته، تُشكّل عملية طبخ الهريسة حالة من التكاتف الاجتماعي والتعاون بين الناس، رجالًا ونساءً، كبارًا وصغارًا، يجتمعون بنية التقرب إلى الله وخدمة زوّار الإمام.

 

طريقة تحضير الهريسة العراقية:

 

المكونات:

1- 2 كوب من القمح (الهريس) المنقوع لمدة 4 إلى 6 ساعات.

2- 1 كيلوغرام من لحم الضأن أو الدجاج (حسب التفضيل).

3- ماء كافٍ للطهي.

 

4- ملعقة صغيرة من الملح (أو حسب الذوق).

5- زبدة أو سمن للتقديم.

 

طريقة التحضير:

 

تحضير اللحم أو الدجاج:

يُغسل اللحم جيدًا ويُقطّع إلى قطع متوسطة، ثم يُوضع في قدر كبير مع كمية كافية من الماء، ويُترك حتى يغلي، بعد ذلك تُزال الرغوة التي تظهر على السطح للحفاظ على صفاء المرق.

 

إضافة القمح:

يُصفّى القمح المنقوع ويُضاف إلى القدر مع اللحم، تُخفّف النار إلى درجة منخفضة.

 

يُغطى القدر ويُترك على نار هادئة لمدة 3 إلى 4 ساعات أو أكثر، يُحرّك بين الحين والآخر لتفادي الالتصاق، ويمكن استخدام عصا خشبية أو خلاط يدوي لهرس المكونات عند قرب النضج للحصول على قوام ناعم، ثم يُضاف الملح حسب الرغبة في المراحل الأخيرة من الطهي.

 

التقديم:

تُسكب الهريسة في صحون، وتُضاف كمية من الزبدة أو السمن الساخن على الوجه لإضفاء نكهة غنية، كما يمكن إضافة القليل من الهيل أو القرفة لإعطاء نكهة مميزة.

 

تُصبح الهريسة ألذ بعد تبريدها وإعادة تسخينها، مما يجعلها مثالية للتحضير المسبق.

إن إعداد الهريسة في محرم الحرام ليس مجرد تقليد شعبي، بل هو عادة شعبية، يُعبّر من خلالها الناس عن مواساتهم لأهل بيت النبوة، وتجديد البيعة للإمام الحسين (عليه السلام)، في كل ملعقة، هناك قصة، وفي كل تحريكة للقدر، هناك دمعة، وفي كل نذر، هناك نية خالصة لله ولأهل البيت (عليهم السلام).