(وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)

تحثّ الآيةُ المباركةُ في القرآن الكريم على إقامة الشعائر المنضبطة والهادفة، ولا سيما فيما يرتبط بشهادة الإمام الحسين (عليه السلام) وقضيته، التي تُعَدّ قضيةَ الإسلام الخالدة.

إلا أنّ هناك من يعتقدون أنهم منتمون إلى رسالة ومبادئ الإسلام عامة، وإلى الإمام الحسين (عليه السلام) ورسالته الخاصة، إذ نجد الكثير ممّن يجهلون أهدافه ومبادئه، التي نعلم – كما يعلم أعداؤه – أنها إذا ما طُبّقت في مجتمعٍ ما، فإنها ستكون كفيلةً بنهضة هذا المجتمع وارتقائه وإصلاحه، حيث المساواة والكرامة التي تُقاس بمقياس التقوى، فـ "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، لا أغناكم، ولا أكثركم نفوذًا، ولا أوفركم أتباعًا، ولا أسمعكم كلمة.

إنّ المعرفة بالإمام على صنفين، كلاهما يدعم استمرار الآخر؛ أولُهما معرفةٌ عاطفيةٌ قلبية، وثانيهما معرفةٌ عقليةٌ ووعيٌ وإدراك، وكلتاهما يمكن إحياؤهما بطريقين:

الأول: الإحياء الوقتي للمناسبات والشعائر، والذي جلّ هدفه الاستحضار والاستذكار ولفت أنظار العالم، لذلك وجب التنبّه إلى الطريقة والكيفية التي نُحيي بها الشعائر، والتي يجب أن تلائم متطلبات الزمان والمكان، حتى تُؤدّي غايتها المطلوبة، بالطريقة المهذبة والحضارية التي تعكس رفعة منزلة صاحب الذكر وأتباعه ومحبّيه، لا العكس.

أما الثاني: فهو الإحياء الدائم، في كل مجالات الحياة وتعاملاتها، وتطبيقها تطبيقًا عمليًا على أرض الواقع في كل حركة وسكنة، إذ لا خير في ابتعادك عن الإثم والتزامك بالفرائض أو بالخلق الفاضل إجلالًا للموسم أو للذكرى، وأنت تنوي العودة إليها بعدها، فتُعلن التزامك وانتماءك للحسين (عليه السلام) ومبادئه اسمًا ولقلقة لسان، وحالك وأحوالك كلّها تنطق بانتمائك ليزيد، فتكون كالذين قالوا للإمام (عليه السلام): "قلوبنا معك وسيوفنا عليك".

لذلك، نحن بأمسّ الحاجة إلى أن نُلبّي نداء: "ألا من ناصرٍ ينصرنا؟"

هذا النداء الذي يتعدّى الزمان والمكان، فهو كالضوء السرمدي الذي يخترق حاضرنا ومستقبلنا، ويمتدّ بامتداد الأجيال، كدعوةٍ مجانيةٍ أبديةٍ من الإمام الحسين (عليه السلام) لنا، أن أجيبوا واعيتنا، وكونوا معنا، وانصرونا بخُلُقٍ عظيم، وبوعيٍ ورُقيٍّ نُباهي ونُضاهي به الأُمم الأخرى.