في سياق الجهود المبذولة لإحياء السيرة الفاطمية وتجذيرها في الواقع المعاصر، أعلن ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة، سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه)، عن تأسيس مؤسسة أم أبيها للدراسات والبحوث، تيمّنًا بولادة السيدة الزهراء (عليها السلام)، وذلك خلال كلمته في حفل افتتاح مهرجان كوثر العصمة الدولي الثاني.

حيث قال سماحته: "بمناسبة حلول ولادة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام، نعلن من هذا المنبر، بعد أن تباركنا بتأسيس جامعة حملت اسمها وهي جامعة الزهراء للبنات، وعملاً بمحاور المهرجان، نعلن عن تأسيس (مؤسسة أم أبيها للدراسات والبحوث) الخاصة بالصديقة الزهراء (عليها السلام).

تتولى المؤسسة مختلف النشاطات التي تعنى بالبحث والتحقيق والنشر في فضائل ومقامات الزهراء عليها السلام، وكيفية صناعة وصياغة الشخصية الفاطمية في المجتمع بمختلف شرائحه، ووضع الآليات لتفعيل الدور الفاطمي الرسالي في حركة المجتمع بصورة عامة".

وأضاف الشيخ الكربلائي: "ندعو الشخصيات النسائية الفاعلة التي تحمل همّ الرسالة الفاطمية للمجتمع النسوي ليشاركن في تحمّل أعباء هذه المؤسسة، سواء من داخل العراق أو خارجه".

وأشار إلى أن "هذا التأسيس يأتي في ظل التحديات الثقافية والتربوية والأخلاقية التي باتت تهدد الكيان الأسري والنسوي بصورة عامة أكثر من ذي قبل".

حين تُعقد الفعاليات الفكرية بروح الإيمان، وتنبثق الكلمات من عمق الولاء، يكون للوجود معنى أعمق، وللحضور أثرٌ لا يُنسى.

من هنا، سجّل كادر مجلة للقوارير حضوره في الندوة العلمية الثانية التي نظّمتها مؤسسة أم أبيها، متابعًا بنبضٍ مهنيٍّ وأدبي مجريات الحدث، وموثّقًا محطات النهار المفعم بالإشراق الفاطمي.

 

أسرة علي والزهراء: نبض قيمٍ وحركةُ حياة

تحت شعار: زواج النورين ميثاقٌ للتكامل الأسري الإسلامي

في أجواءٍ ملؤها السكينة والإيمان، وتزامنًا مع ذكرى زواج النورين، علي وفاطمة (عليهما السلام)، نظّمت مؤسسة أم أبيها للثقافة الفاطمية الندوة العلمية الثانية الموسومة بـ (أسرة علي والزهراء: نبض قيم وحركة حياة)، وذلك برعاية الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة، وبالتعاون مع الأمانة العامة للعتبة العلوية، لتكون مساحة فكرية وعلمية تضيء درب الأسرة المؤمنة بنور التجربة العلوية الفاطمية.

افتُتحت الندوة بتلاوة قرآنية عطرة، لتزدان أجواء القاعة بنفحات كلام الله، إيذانًا بانطلاق يومٍ فكري وعقائدي من الطراز الرفيع.

 

كلمة مسؤولة المؤسسة: صدق الإيمان وبناء البيت الرضي

ألقت مسؤولة المؤسسة كلمةً ترحيبية باركت فيها للمشاركين ذكرى زواج النورين، وقالت: "نجتمع عند أمير المؤمنين لنستلهم من حياة علي وفاطمة دروسًا في الصدق والإيمان، وفي بناء بيتٍ يُرضي الله تعالى".

تحدثت عن زواجهما الميمون، واستعرضت الروايات الواردة في ذلك، متوقفة عند فضائل الإمام علي (عليه السلام) والسيدة الزهراء (عليها السلام)، ومؤكدة على أهمية التحلي بقيمهم لبناء أُسر صالحة، كما شكرت الحضور وكل من ساهم في إنجاح هذه الندوة العلمية.

 

إنجازات عامٍ من العطاء الفاطمي

 

شهدت الندوة عرضًا لفيلم وثائقي تناول إنجازات المؤسسة خلال عام مضى، إذ نظّمت دورات وأنشطة ثقافية، دينية وتعليمية متنوعة، منها:

 

1. إقامة حفل التكليف المركزي.

2. تنظيم الورش العلمية والدورات التأهيلية.

3. إحياء المناسبات الدينية.

4. إصدار مجموعة من المؤلفات والإصدارات الخاصة بالثقافة الفاطمية.

5. برامج تهدف إلى تمكين النساء والفتيات فكريًا وروحيًا.

6. تعاون مع نخبة من الباحثات في مجالات العقيدة، والتربية، والعلوم الإنسانية.

 

وقد أوضحت مسؤولة المؤسسة أن هذه الفعاليات تمضي بخطى واثقة لتجسيد التراث الفاطمي كنورٍ يهدي الباحثين، ومنهج أخلاقي وتربوي ينسجم مع احتياجات الواقع المعاصر.

 

بحوث علمية: فاطمة وعلي (عليهما السلام).. دروس لا تنضب

 

من أبرز فعاليات الندوة تقديم مجموعة من البحوث العلمية المتخصصة التي تناولت الجوانب التربوية والنفسية والاجتماعية في حياة الزهراء وأمير المؤمنين (عليهما السلام)، وقد جاءت من باحثات خدمن العلم والدين، وغرفن من معين الولاية.

البحث الأول الفائز كان بعنوان: "سبل تأسي الأمهات اليوم بالسبل التربوية تأسّياً بالسيدة الزهراء (عليها السلام)" قدّمته الباحثة في علم النفس العلوية صديقة محمد الموسوي

أما البحث الثاني الفائز بعنوان:

"فاطمة الزهراء: نموذج لتكامل المرأة في أسرتها" قدّمته الدكتورة شيماء حمزة جبر الجبوري.

أما البحث الثالث فتفرد عنوانه "معالم الصفات الكمالية للصديقة الطاهرة (عليها السلام)، دراسة في الاثر الأسري" للباحثة فهيمة طالب عبيد المشهدي

وقد بلغ عدد البحوث المقدمة إلى الندوة (23) بحثًا، فازت منها ثلاثة، وتم رفض ثمانية، تأكيدًا على أهمية الجودة والمعيارية الأكاديمية في الطرح العلمي.

 

من زواج النورين... إلى مستقبل أُسري مشرق

إنّ زواج الإمام علي (عليه السلام) بالسيدة الزهراء (عليها السلام) لم يكن مجرد ارتباط اجتماعي، بل هو مشروع ربّاني لبناء أسرة إيمانية متكاملة، تتجلى فيها أسمى معاني الحب والتكافل والتقوى، من هذا البيت المبارك تشرّبت الأجيال مفاهيم القيادة والأمومة والجهاد والعلم.

وها هي مؤسسة أم أبيها تواصل حمل هذه الرسالة، لتصوغ من سيرة فاطمة وعلي منهجًا تربويًا وأسريًا، يعالج أزمات الحاضر وينسج أمل المستقبل.

إنها دعوة مفتوحة لكل امرأة تحمل همّ الرسالة، ولكل بيتٍ يريد النور أن يسكنه.