لِماذا تُطالَب المرأة دائمًا بالصبرِ والتضحية؟ ولماذا يكونُ الحديثُ موجّهًا لها أكثرَ من الرجل؟
ولماذا هيَ أساس المجتمع، إذا صَلَحت وصَلُح فكرُها ودينُها، صَلُح المجتمعُ كله، واستقامتِ البيوت، وسادتِ السَّكينةُ والمحبة، ولماذا بعضُ النساء أيضًا لا يُقدِّرنَ الرجال، ولا قيمةَ ما يبذله الرجل، إن بعضَ المواقفِ تتطلّب حِكمةَ المرأةِ وصبرَها، ولكنَّ بعضَها الآخر يتطلّبُ حِكمةَ الرجلِ وصبرَه، فالحياةُ الزوجية ليست ساحةَ صِراع، بل هيَ مَسكنٌ وراحةٌ وسَكينةٌ، كما أرادها اللهُ سبحانهُ وتعالى.
يقولُ أحدهم، وهو يرافق زوجتهُ ليتبضّعا معًا، عندما رأيتُ زوجتي وهي تجرُّ عربةَ التسوّق، لتختار مستلزماتِ المنزل بعناية، عرفتُ معنى أن الرجل لا يستطيع تدبير أمور المنزل دون المرأة، وعندما رأيتها تتفقد كل منتجٍ على حدة، عرفتُ لماذا أن (المرأة هي النصف الثاني في المجتمع)
وعندما رأيتها تستخدم غريزةَ الأمومة في اختيار ما يناسب كل فردٍ في الأسرة من أطعمة واحتياجات، أيقنتُ صدقًا أن
المرأة طاقة لا تنضب
إنَّ كثيرًا من المشاكل الزوجية نابعةٌ من عدمِ فهمِ كلِّ واحدٍ من الزوجين لأهميةِ ما يقوم به الآخر
فالمرأة، التي تهتمُّ بالبيتِ والأسرة، وتحوّل الجدرانَ الأربع التي يقدّمها الرجل إلى مسكن، وما يتسوّقه الرجل إلى طعام، والأطفالَ إلى عائلة، تتحمَّل في سبيل ذلك ما تتحمّله، فهي تقف ساعاتٍ طويلة لإعداد وجبة طعام، ليلتهمها الرجلُ وسائرُ الأسرة في دقائق
تسهر الليالي على مَرَضِ أطفالها، وتُضحّي من أجل رعايتهم، ورعايةِ زوجها، وحمايته من التحديات التي يواجهها، وتكون قطبَ الرحى داخل بيتها، وعمود أسرتها الخفي.
هذا العمل، وهذه التضحية، ربما لا يشعر بها الرجل، فيستهين بما تقوم به
وإلى الآن لم أعلَمْ لماذا تُصرُّ_ في الجانب الآخر_ بعضُ النساء على جعلِ الحياة الزوجية ميدانًا للمنافسة والتفاخر: من زوجها أسوأ؟ أو أكثر قسوة
كم من مرَّةٍ استمعتُ إلى أحاديثٍ في المجالسِ والتجمّعاتِ تُقالُ فيها تفاصيلُ الحياةِ الزوجيةِ وكأنها حديثٌ عام، وهذا غيرُ لائقٍ أبدًا.
المرأةُ غيرُ المدركةِ لتحدّيات الحياةِ خارجَ المنزل، لما يقاسيه الرجل من أجل لقمةِ عيشٍ حلال يسدّ بها رمقَه ورمق عياله، ويوسِّع عليهم من قسوةِ العالم الخارجي ووحشيّته، إنّها تستهينُ بما يقوم به زوجها، فتُقلِّل من قيمة ذلك الجهد.
أحدُ الرجال، كاسبٌ شريف، يقول بالحرف الواحد.
حينما أستيقظ صباحًا، وأتهيّأ للخروج من المنزل، يكون ذلك – من دون مبالغة – تهيؤَ المقاتل للحرب، ففي السوق كلُّ شيء، وكلُّ الرجال: صادقون، وكاذبون، نُبلاء، وأشقياء، محتالون، ودجّالون
ثم هناك المعاملة الرابحة، والخاسرة، ثم هناك المال الحلال، والمال الحرام، والرزق الحلال كإخراج اللقمة من فم الأسد الجائع.
وحتى لو كان اليوم مكفولًا، فإنّ الغد مجهول، والسوق متقلّب، فكم من رجلٍ أصبح مليونيرًا وبات مديونيرًا.
إنْ كانَ الزوجُ ذا طِباعٍ غيرِ محبَّبة، فلن يكونَ الحلُّ بنقدِهِ والطَّعنِ فيه أمامَ الآخرين، بل بالاحتواءِ والحُبِّ، وباللِّينِ والكلمةِ الطَّيّبة.
فالإنسانُ قادرٌ على ترويضِ حيوانٍ مُفترسٍ، أفلا يستطيعُ بلُطفِه أن يُليِّن قلبَ من هوَ بشرٌ مثله، وكثيرٌ من المشاكلِ تنشأُ من قلَّةِ الوعي، وضعفِ الفهمِ لِما أرادهُ اللهُ مِن الزَّوجين، فالمرأةُ الواعيةُ لا ترى زوجَها عدوًّا، أو مُجرّد رجلٍ يُلبي احتياجاتِها، بل تراهُ أمانَها، وملجأَها، وسَكنَها، ويجب أن نُدرك أمرًا بالغَ الأهمية، وهو أنّ رضا اللهِ من رضا الزوج، كما ورد في الأحاديث الشريفة، لكنْ، هذا لا يعني إطلاقًا أن يُحمَّل كُلُّ العبءِ على المرأة، خاصةً إنْ كان الزوجُ صعبًا للغاية، لا يرضى مهما قدّمتْ له من حُبٍّ وصبرٍ وتحمُّل، فلا يُذَمُّ صبرُ المرأة، ولا يُلامُ تقصيرُها، إنْ كان السّببُ في سخطِ الزوج يعود إلى طِباعه وسوءِ خُلقه وتعسّره، لا إلى تقصيرٍ منها، فالميزانُ دائمًا هو الإنصاف، وفي الجهةِ الأخرى نجد من ينادي، إن مكان المرأة في المطبخ، استهانةً بذلك، لا عرفانًا لتلك التضحيات التي تقوم بها المرأة وهي في بيتها، فتبحث المرأة عن تقديرٍ في مالٍ أو شهادة، وهذا الجهل – من الرجل تجاه دور المرأة، والعكس – هو بؤرةُ توتِّر، ومركزُ إعصارٍ من النوع الثالث، يُزلزل أساسَ الحياة الزوجية، أمّا الحياةُ المستقرة، فمبنيّة على الاعتراف، اعترافُ الرجلِ بمسؤوليات زوجته في داخل البيت الأسري، وتقديرُه لذلك حين تُحسن أداءَها، واعترافُ المرأةِ بمسؤوليات الرجل خارج البيت الأسري، وتقديرُها لذلك منه، حين يُحسن أداءَه، فالله سبحانه وتعالى قد قدَّر للرجل والمرأة، في داخل الأسرة، أدوارًا تُكمِلُ بعضها بعضًا، لا غِنى لأحدهما عن الآخر، فلا بدّ من التعاون، ولا تعاونَ إلا بالتعارف، وذلك أساسُ حياةٍ سعيدةٍ وكريمة، وكلّما عَرِفَ الزوجان ذلك من مرحلةٍ مبكرة، قلّت احتمالية فشل ذلك الزواج، وضروري يطلع الزوجان على أحاديثِ أهل البيت (عليهم السَّلام)، حتّى تكون لديكم ولو معرفةٌ بسيطةٌ وفَهمٌ أعمقُ للأمور، ففيها من النُّورِ والهُدى ما يُرشدُ إلى الطَّريقِ الصَّحيح، الحياةُ الزوجيةُ شراكةٌ روحية، لا تجوزُ فيها الحواجزُ ولا الجَفاء، الزوجانِ روحٌ واحدة، ونَفسٌ واحدة، لا يتجزآن.
المرفقات

واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري