(ترجعه غريبًا من أسهبت عليه الفرص) لعل هذه العبارة التي كتبتني قبل أعوام، أراها ماثلة أمامي كغيرها من نصوصي التي كانتْ تطرق قلمي، وكانتْ صديقتي تمازحني وتخبرني بأننا نُختَبر بما نكتب أو بما نقول، حتى نكون على بينة، ويرتفع حس مسؤوليتنا تجاه ما نقول أو نفكر ونكتب، فكثيرة هي تلك الأحيان التي نجلس فيها ونعطي دروسًا في الحياة والتربية والعلاقات الزوجية والاجتماعية، دروسًا استمدتْ أساسها من أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، ومواقفهم وما درسناه في علم النفس، والكتب، وما رأيناه من تجارب، وعايشناها مع أصحابها، فننقل هذا المزيج الثري إلى الآخرين باعتباره عصارة معلوماتنا. فكما كتبتُ يومًا: "كل الحلول تبدو ممكنة ما لم يتعلق الأمر بك"، حتى وقفتُ أمام كل تلك الأحاديث أختبرها الواحد تلو الآخر، لم يجتازني نص، ولم يغادرني أيُّ درس في التنمية كنتُ أقدمه، بل تجمعتْ مرة واحدة لتنصب على أيامي، لتكشف لي أن الشعور والعيش في واديه مختلفٌ تمامًا، والوقوف بين العقل والعاطفة في القرارات من أصعب المواقف التي تكون فيها في حيرة من أمرك، لأنها خاضعة لصراع عقلي منطقي وعاطفي وجداني. وحتى أولئك الذين تجلس لاستشارتهم ينقسمون إلى هذين القسمين، إلى أن الطريق الذي غالبًا ما أتبعه هو التسليم للعقل، مؤمنةً بخطاب الباري له: "وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقًا هو أكرم عليّ منك، بك أُثيب وبك أُعاقب، وبك آخذ وبك أُعطي".
فكنتُ أتعجب من موت الأشخاص بداخل الإنسان وكيف تنتهي العلاقات، وأضع تساؤلاتي الواحد تلو الآخر، لكن اليوم شعرتُ بعبارتي تلك، فكلما ازدادتْ الفرص التي تهديها للمقابل وتحاول بها أن تُصلح الأمور، كلما تُخرج جزءًا منه، حتى يصبح يمر من جانبك مرور الغرباء، لا عقل يفكر ولا قلب ينبض، ولا ذاكرة تتقافز ذكرياتها، وهذا الشعور حين تصل إليه اعرف أنك وصلت إلى الضفة خارجا من موج مهلك.
المرفقات

واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري