السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
لدي ابنة عمرها عشر سنوات , وهي أكبر أبنائي, تتلخص مشكلتي معها في العناد , فهي عنيدة لأقصى درجة , وترى أن الحق معها دائما , حتى ولو كانت مخطئة , وخطؤها واضح للجميع !!! وهي تعلم به , لكنها تكابر بشدة , ولا تطيق فكرة الاعتراف بالخطأ , وترى أنها مظلومة , وأن كل من في البيت لا يفهمها , وأن الابن الاكبر يفقد معزته وأهميته كلما كبر ! تردد مثل هذا الكلام .
حاولت التقرب منها , وأن أشعرها بأهميتها , ولكن وجدت أن هذا سيأتي على حساب أخوتها , فهي تريد مني ألا ألومها , مهما كانت مخطئة , فهذا هو الحب في نظرها , تعبت معها كثيرا , ولا اعرف كيف أتعامل معها ؟ أتمنى أن ترشدوني بارك الله فيكم .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
اهلا وسهلا بك أختي الفاضلة ، نسأل الله تعالى أن يهدي ابنتك الغالية , ويحفظها , وأن يُقر بها عينيك في الدنيا والاخرة , اللهم امين .
من الخطأ أن تنظر الام او الوالدان الى طفلهما او طفلتهما في هذا العمر نظرة استصغار ؛ فيستمر سلوكهما منذ أن كانت صغيرة , ويستمر العطف والحنان والتقيد الذي ترفضه الطفلة بكل قوة , فيظهر رفضها على شكل تمرد أو عناد أو غيرها من الاساليب التي لا تزيد الوالدين ، الا قناعة ، بأن هذه الصغيرة بحاجة لمزيد من الحزم والمراقبة والضبط , فتنفر الفتاة بشكل اكبر , ويزيد الضغط من الجانبين حتى يدور الجميع في حلقة مفرغة من المشاحنات والنزاعات التي لا تنتهي , فما المخرج من ذلك كله ؟
اليك عزيزتي :
- مهما بدأت الفتاة في هذا العمر عنيدة أو عدوانية أو مجادلة , فهي تعاني في صمت معاناة تصعب على الوالدة تفهمها , فتغيرات الجسم الهرمونية تسبب لها الكثير من المشاعر المتناقضة , والاضطرابات المتزايدة , مما يسبب لها الشعور بالضعف والتهميش في حياتها , وانعدام الثقة في النفس فيؤدي ذلك الى هذا العناد الذي يكون كرد فعل وقائي , لهذا عليك ايتها الام الكريمة أن تتفهمي حاجتها الفطرية والطبيعية للشعور بالذات في الاستمرار في اشباعها بالحنان والمحبة .
- الصبر الشديد على الابناء وعلى تصرفاتهم في هذا العمر والا ينجرفوا وراءهم في مجادلات عقلية , واقول ان الصمت يكون الحل الناجح للكثير من المشكلات القائمة بين الوالدين وأطفالهما , فلا تحاولي اقناع صغيرتك بالمنطق ولا تعملي على كسب قلبها بالحجة , ولو كانت بينة وواضحة , ولا تسعي الى عرض كل مشكلة او موقف تمامها وتفصليه بوضوح وعقل بحيث لا يمكنها ان تعترف به , وقد رأيت بنفسك انها تعرف في دخيلة نفسها خطأها فاصبري عليها .
- هناك من العلماء من يقول ان سبب التناقضات والتصرفات الغير منطقية عند المراهق يرجع الى عدم اكتمال نمو الفصوص الجبهية من المخ وهي مركز التحكم في اللغة والمنطق , مما يجعل المراهق يعتمد بشكل اكبر على المشاعر , هذا يفسر ما تقوم به ابنتك الغالية من فرض رأيها دون القدرة على مناقشته , ويفسر تكرارها لقول : " اشعر" فهي كغيرها ممن في عمرها او اكبر قليلا تبني كل معتقد على حسب ما تشعر به , وليس على ما تراه منطقيا وعقلانيا .
- تغفل بعض الامهات امر بلوغ ابنتها وتراه احتمالا بعيدا وتستبعد حدوثه ان لم تتجاوز الفتاة العاشرة من عمرها فان البلوغ لا يكون بالحيض فقط كما تعتقد بعض الامهات ولهذا انصحك بمتابعة ابنتك , والتقرب اليها وتثقيفها حول هذه الامور بصورة تشعرها بأنها ليست وحيدة في هذا العالم , هكذا يفكر الاطفال قبيل البلوغ فتقربي اليها واذكري لها بعض ذكرياتك وانت في هذا العمر , وكيف كنت تشعرين , واستغلي الموقف في ممازحتها مما يعينك على تقريب وجهات النظر بينكما .
- اشركيها في عمل يجمعكما دون غيركما , كممارسة بعض التمارين الرياضية الخفيفة في البيت , ولتشعر أن ذلك خاص بك وبها فقط , ولا يسمح لسائر الصغار ان يشتركوا فيه هذا العمل يشعرها بقربك , وصدق محبتك لها .
- احرصي على تغذية ابنتك , وامدادها بالعناصر الغذائية التي تحتاج اليها في هذا العمر , فقبيل البلوغ يتعرض جسد الفتاة لتغيرات فسيولوجية , وتقلبات هرمونية تزيد من احتياجها للطعام فينبغي التركيز على ان تشرب الحليب حتى تحصل على الكمية الكافية من الكالسيوم , وكذا اللحوم والبيض والاسماك والخضروات ذات الاوراق الداكنة الخضراء لتوفير القدر المناسب من البروتين والفيتامينات .
- امنحيها حرية التصرف في بعض امور البيت وأعلني أنها المسؤولة عن ذلك أمام والدها واخوتها , واطلبي منهم ان يستشيروها في بعض ما يحتاجون اليه تحت مراقبتك وملاحظتك فان تعدت او أساءت التصرف فاحذري من التوبيخ أو اللوم العلني ولو كان الحاضرون اخوتها الصغار , فالعتاب لن يفلح الا أن يكون مقرونا بشرطين هما الخلوة واللين ، فليكن أسلوبك في العتاب مبدوء بالثناء على عقلها والحمد الله أن وهبك ابنة مثلها وصديقة غالية ثم تتبعين ذلك بالنصيحة الحسنة .
لهذا عليك وعلى كل ام حريصة على كسب قلب ابنتها يكفيك أن تضميها الى صدرك في حنان قائلة : "ان اخوتك عقولهم صغيرة وعلي أنا وانت أن نتحمل ذلك منهم حتى يكبروا ويصيروا مثلنا " .
في النهاية اذكرك بفضل الصبر وجميل عاقبته وأعانك الله , وأصلح لك أبنتك وأخوتها , وأقر عيونك بهم في الدنيا والاخرة , ويسعدني التواصل معك في كل وقت .
والله الموفق , وهو الهادي الى سواء السبيل .
ام البنين محمد صالح
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري