الحديث عن الحجاب وفلسفته ومقاصده ، ثري جدا بثراء المِشرِع له والمُشرَع له ، والخوض في ذلك يحتاج الى الكثير ، وقد كفانا بذلك اعلامنا الأفاضل وأستاذتنا الأكارم .
وعلى سبيل الإيجاز ، فالحجاب لغة يعني الستر والمنع والحيلولة ، اما اصطلاحا فيعني كل ما يستر المطلوب ويمنع من الوصول إليه .
وقد شرع الحجاب للمرأة بما يضمن ستر جميع بدنها وزينتها، عن الأجانب ويتحقق ذلك مرة من القرار في البيت وأخرى في ستر البدن بالملبس والذي نقصده بمقالتنا .
ولا يكون ذلك الا بالملابس التي تغطي البدن ، على اختلاف مسمياتها ، والتي قد يجمعها مسمى العباءة، وأن تعددت اشكالها وطرائق ارتداءها .
تختلف العباءة باختلاف الشعوب التي ترتدى فيها من حيث التصميم واللون ، إذ تعد العباءة اسلوب او زي لتجسيد حجاب المرأة سيما عند الشعوب الاسلامية التي تنظر للحجاب على أنه احد ضرورات المجتمع الملتزم ، بل وواجب مقدس لكل امرأة تصل الى سن التكليف الشرعي وذلك بالاستفادة من الخطاب الالهي بحسب المفسرين والكتاب في اعتبار الآية الكريمة ((وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) .
وتبعا لذلك ولجملة آيات قرآنية شريفة واحاديث نبوية كريمة واخرى عن ال البيت عليهم السلام ، اصبح الحجاب في اغلب المجتمعات الاسلامية له مدلول واحد وهو اعتناق الاسلام ، وبقي هذا الامر سائدا الى اليوم ،رغم كل المحاولات التي تعرضت لها مسالة ارتداء الحجاب ومحاولة اخضاع هذا الالتزام لهيمنة الانظمة السياسية والاجتماعية او حتى ما يعرف بالثقافية وصولا لإقحام العباءة الاسلامية في مضامين ما يعرف بعالم الموضة والتصميم في خطوة تهدف الى التحكم بارتداء الحجاب وخلعه دون ان يمنح أي خصوصية باعتباره رمزا للدين الاسلامي في مختلف دول العالم .
في العراق مثلا ضلت العباءة العراقية التقليدية جزءا مهما من الحجاب بحسب وجهة راي الكثير من المرجعيات الدينية الكريمة ، وهذه العباءة ـ العراقية ـ هي عباره عن قطعة قماش ذات لون اسود سميك لا يكون له خاصية الالتصاق وعادة ما يتم خياطتها بأسلوب القطعتين بشرط ان تكون ساترة لجميع الجسم ولا تحتوي على زينة تلفت إليها الأنظار، حيث تخلو تماما من الزخارف والزينة وعلى نحو فضفاض ، تنسدل على جميع البدن وتغطي القدمين وتكون مفتوحه من الامام وبأكمام ضيقة ، وتوضع العباءة ابتداء من الرأس وحتى القدمين ، وهي المفضلة لدى الكثير من النساء العراقيات .
اما في جمهورية ايران الاسلامية فالعباءة تعني ( الشادور ) او ( الجادر ) التي هي عبارة عن قطعة كبيرة واحدة من القماش يغطى بها الرأس وصولا الى القدم وتلف على البدن دون اكمام ، وارتبط ارتداء العباءة كثيرا في جمهورية ايران الاسلامية بطبيعة الانظمة فيها .
اما في دول الخليج ، ففي الغالب تكون العباءة عبارة عن ثوب واسع جدا عادة ما يكون باللون الاسود يحتوي على نقوش وزخارف تقترب كثيرا من زخارف الفن الاسلامي ويستثنى من ذلك المملكة العربية السعودية التي يرتبط فيها ارتداء هذه العباءة بالنقاب حيث يعد مكملا ضروريا لها وفي دول شرق اسيا يختلف الامر تماما حيث تصمم العباءة على شكل قطعتين دائريتي الشكل احداهما تغطي الجزء العلوي من البدن (البرقع الافغاني) والاخرى تغطي الجزء الاسفل وعادة ما يكون في البرقع ثقوب صغيره جدا للنظر فقط وهذا النوع من العباءة هو الغالب في دول افغانستان وباكستان مع ان الاخيرة لها نوع اخر من العباءة يتمثل بـ (السلوار قميص) وهو عباره عن قميص وسروال واسعين يغطيان الجسم بما فيه الذراعين والقدمين ويتم ارتداء وشاح واسع فضفاض يسمى بـ ( الدوباتا ) وبالوان مختلفة مع الاخذ بنظر الاعتبار بعض الاختلافات التي تتعلق بالسماح لكشف الوجه من خلال العباءة او الحجاب التقليدي بين الدولتين ولا يوجد قانون يسمح او يمنع بارتداء هذه العباءة فيهما حيث تشير اغلب الدراسات إلى أن معظم النساء اللاتي يرتدين الحجاب كان ذلك بكامل إرادتهم .
اما إندونيسيا ، فمصطلح جلباب يشير الى العباءة او الحجاب بمفهومه الواسع ، ويتيح القانون الوطني والاقليمي الاندونيسي الحرية في ارتداء الحجاب دون استثناء ، اما في بعض الدول العربية كمصر والاردن وسوريا فقد اصبحت العباءة موروثا اجتماعيا بعد اعتباره رمزا دينيا ، ويدل احيانا على قوة شخصية المرأة ومدى احترامها لمجتمعها ، وبين كل اشكال العباءة السائدة في المجتمعات الاسلامية تبقى العباءة العربية التقليدية او ما يعرف عند اهل العراق بـ (العباءة الزينبية ) هي العباءة المفضلة للمرأة لدى الشارع المقدس .
مآثر طالب
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري