قال الله تعالى (( وفي أنفسكم أفلا تبصرون )) ...

ما المقصود بإدارة الذات ?

لو أخذنا المعنى من منظور إداري بحت ، فيمكن تجزئة المفهوم الى معنيي الإدارة والذات ، والإدارة هي نشاط يسعى إلى تحقيق الهدف عن طريق الموارد والإمكانيات وحسن التوجيه والاستغلال ، في حين ان الذات هي مجموعة اتجاهات الشخص ومشاعره ، وربما هي العمليات النفسية التي تحكم السلوك .

لذا فيمكن أن يقال لإدارة الذات بأنها قدرة الفرد على توجيه مشاعره وأفكاره وإمكانياته نحو الهدف الذي يصبو إلى تحقيقه ؛ فالشخص الذي استطاع أن يحسن إدارة نفسه هو ذلك الشخص الذي استفاد من مواهبه وطاقاته ووقته ليحقق أهدافه العالية مع استمراره بالحفاظ على توازن حياته ، وخير من استطاع تحقيق ذلك هم أنبياء الله ورسله وأئمة البيت النبوي الأعظم من خلال ما حققوه من عبودية كاملة لله عز وجل في جميع شؤون حياتهم .

وكي نصل إلى إدارة واعية لذواتنا ؛ لابد أن تكون الرؤيا لدينا واضحة في ما نريد أن نحققه ؛ وأن تكون رسالتنا في الحياة ماثلة أمام أعيننا بوضوح وجلاء ؛ وبناء على ذلك نستطيع أن نصيغ أهدافنا التي نسعى لتحقيقها بناء على رسالتنا ورؤيتنا لأنفسنا في هذا الوجود ؛على أن تكون أهداف مشروعه بل وان تكون وسائلها كذلك وفق ما أباحه لنا الشارع الكريم ، فضلا عن ضرورة ان تكون مرنه وواقعية .

وأعظم ما يعين على استفادة الإنسان من مواهبه وطاقاته وتفعيلها هو الإيمان بالله تعالى ، كونه يكسب الفرد الثقة بالنفس والتوكل والاعتماد عليه سبحانه ، فضلا عما يمنحه العلم من نور للإنسان في مسيرته في الحياة ؛ فتجد الجاهل وغير الواعي يتخبط كالأعمى ! لا يدري إلى أين ( ولكنكم غثاء كغثاء السيل ) .

كما علينا ان نعي بأن سفينة رحلة الذات ـــ التي لابد لكل مسافر أن يركبها ليصل إلى أهدافه التي قد رسمها ـــ لا بد لها من ان تمتطي الصبر ؛ فالصبر وحده من يمنحنا النور في الحياة .

أما التفكير والتدبر ، وعلى قاعدة " كلما فكرت كلما قدمت " ، لأن " حياتنا من صنع أفكارنا " ، لذا فأن التفكير هو الحياة .

ولكن ...

بأي شيء نفكر ؟ وهل تفكيرنا سلبي أم إيجابي ؟ واقعي أم خيالي ؟

نعم ... لابد من خلق موازنة بين العقل والعاطفة على الرغم من عدم تضادهما

 

          بقي ان نشير الى أمور عدة ، تندرج ضمن متسلسلة تحقيق الذات ، وكما يلي :

ـــ       ضرورة التخصص في الأعمال والتركيز وعدم التشتت في الوصول للهدف بل وفي صياغة الهدف قبل ذلك .

ـــ       ضرورة وأهمية الاستشارة ومشورة أهل الخبرة لأنها تختصر على الفرد عشرات السنين من التجربة والمحاولة ، بل وتخرجه برأي سديد ، وهذا ما دراسة في إحدى الجامعات على شريحة من الشباب لسؤال محدد حول من هم الذين قاموا برسم خطة مستقبلية لأنفسهم بعد التخرج ؟ فكان الجواب ، 10% فقط ، وبعد عدة سنوات عملت دراسة أخرى على نفس الشريحة فوجدوا أن التفوق والنجاح كان حليف هؤلاء الذين خططوا لحياتهم ، وأما البقية فهم كما هم عليه لم يستطيعوا أن يحققوا شيئا .

 

د . مواهب الخطيب