بتطور الحياة وتنوعها ، صار لزاما علينا ان نواكبها ونواكب متغيراتها ، والموائمة بينها وبين الثوابت والمبدئيات التي رسمها لنا الشارع المقدس، خصوصا تلك التي تخص التعامل مع الأخرين، بعد تحكيمها للمنظومة القيمية والدينية التي ننتمي لها قدر تعلق الأمر بالسلوك المهذب والاحترام والأخلاق وحسن التعامل، وهو ما يسمى بلغة اهل التنمية البشرية بـ (فن الإتكيت) ، الذي هو من الفنون العصرية التي تستحق أن يمنحها المرء منا جل اهتمامه .  

  يعرف الاتيكيت على انه تعامل راقي او سلوك بالغ التهذيب، ويعرفه اخرون على أنه فن التعامل مع الذات والأخرين باحترام وتوقير عاليين، أو أنه منظومة آداب وخصال حميدة، وهو من السلوكيات الضرورية التي يحتاجها من يرغب بتحقيق اقصى حالات القبول الأجتماعي، وعلى هذا فهو مفهوم للتعامل الراقي ومحتوى للإنسان الحضاري ( نقصد بكلمة حضارة هنا ما يضاد كلمة البداوة ) ، فالتحضر لا يعني القصور والبيوت الراقية والسيارات والزينة، بل أنه فن التعامل الإنساني واللياقة الأدبية، وما يرادف كلمة الإتكيت في اللغة العربية هو مصطلح الذوق ( احترام النفس واحترام الآخرين وحسن التعامل معهم، فضلا عن الآداب الاجتماعية والسلوكية من لباقة وحسن تصرف في المواقف الحرجة )، والاصل في اصطلاح (اتكيت) يعود للغة الفرنسية وبالتحديد لفظة (( The Ticket )) التي تعني ( البطاقة ) أي بطاقة الدخول إلى المجتمع الراقي بتعامل راقي .

وللإتكيت مناحي واقسام كثر، منها فن التعامل مع الأخرين، فن إلقاء التحية، فن التعارف، فن تقديم الهدايا، فن حضور المناسبات، وهكذا .

ولكي تتسمي بالإتكيت وتراعي اعرافه ( بما ينسجم مها مع الدين والفطرة ) ، يستلزم ذلك منك مراعاة ما يلي :

1. كوني مرنة وإلتزمي بابتعادك عن التشنج  .

2. كوني موضوعية خصوصا في نقدك وتقييمك للأخرين .

3. كوني متواضعة بابتعادك عن الغرور والتعالي من حيث السلوك واشفعي تواضعك بتوظيفيك لمفردات طيبة تملئين بها حقيبة قاموسك اللغوي لاستخدامه كعربون قبول للأخر .

4. تمتعي بسعة الأفق في التعامل وعدم التعصب لرأيك الشخصي، بل كوني على استعداد لتغييره أو التخلي عنه إذا توفرت قناعات اقوى من ذلك، وعليك ان لا تتقبلي كل شيء كأنه مّسلمة لا مناص منها وحتمية ليس لها من فرار، فكل شيء قابل للتفاوض والنقاش .

5. كوني صبورة ومثابرة ، فكلما واجهك احدهم بالتطفل امنحيه ردك بالصبر وحاولي تغييره بالمثابرة .

6. كوني على تعقل دائم ، فالعقلانية حلّك المثالي في عدم تجيير تفكيريك لمشاعرك الشخصية ، وحاولي تفهم موقف الأخرين وإعذارهم اذا تطلب الأمر ، فسعادتك تكمن بمستوى تقبلك لهم بابتعادكِ عن الجفاء والصدود .

7. كوني لبقة حلوة الحديث وأنتقي كلماتك بدقة وحذر، فلكل كلمة فعلها ورده ، وهو ما يحتم عليكِ عرضها على نفسك قبل نطقها لمعرفة ردود فعلك عليها فيما اذا وجهت اليك .

8. تمتعي بطّلة وحافظي على وجه شبه مبتسم، فملامح وجهك رسالتك للأخرين ومقياسك لقبولهم .

قواعد مهمة في فن الإتكيت ...

1. ليكن كلامك على سجيتك ورسلك وأبتعدي عن الكلام المتكلف والمصطنع .

2. نظمي صوتك بمستوى مقبول ووتيرة لطيفة بعيدة عن الغلظة والترقق غير الشرعي .

3. اتركي مبادرة الحديث لمن اكبر منك او ارفع درجة .

4. ابتعدي عن الكلمات القاسية للأخر سيما ( انت على خطأ ) إذ يمكنك استبدالها بـ ( قد تكون انت على صواب ، أما أنا فأعتقد ............. ) .

5. اكبحي جماح فضولك بمعرفة اسرار الأخرين ، وحافظي عليها لو اسررت بها .

6. حاذري مناجاة من هو قربك، لأن ذلك يشعر الأخرين بأن ثمة حديث ما يستهدفهم، وابتعدي عن تبادل الاشارات مع البعض كونها تفسر على انها تهميش للأخرين وتسطيح لهم .

7. ابتعدي عن الأحاديث الخلافية التي قد تشنج علاقتك بمحيطك سيما السياسية منها .

8. ابتعدي عن الحديث عن نفسك وإنجازاتك ومشاكلك .

9. اولي محدثك اهتمام خاص بدءا من حسن الاستماع والتركيز بالعيون .

10.    ابتعدي عن الغمز واللمز والاستهزاء بالأخرين .

11.    ابتعدي عن المزاح الذي يذهب بالمرؤة .

12.    ابتعدي عن التودد المبالغ فيه لئلا يفهم على انه تملق ، وإحذري ان تمدحي كذبا بل قولي الصدق بوجه  مقبول وبمفردة جميلة، وأنصحي بمحبة، وإنتقدي بحرص .

13.    ابتعدي عن الغيبة والكذب والتورية .

14.    عودي لسانك على الثناء والشكران  .

15.    ناقشي بهدوء وروية .

16.    لا تستغربي لأمور تبدو عادية ومألوفة لدى الأخرين .

17.    ابتعدي عن طرح الاسئلة الشخصية التي قد تسبب احراج للأخر .

18.    لا تتقدمي بطرح رأيك أو نصحك لمن لم يطلبهما منك لئلا يعد ذلك فضولا .

19.    ابتعدي عن الثرثرة ومقاطعة الأخر .

20.    ابتعدي عن السرد المسهب لموضوع تافه او لموضوع لا يهم الأخرين .

21.    لا تدعي المعرفة بأمر بعيد عن تخصصكِ او ثقافتكِ او وعيك ِ .  

  

سيدتي الفاضلة ... كما تقدمنا ، فأن موضوع الإتكيت واسع وخصب بخصوبة و سعة السلوك الإنساني ، لذا سنفرد له مقالات وبرامج تنموية متنوعة ، بدءا من فن أتكيت الجلوس الى طاولة الطعام ، ثم اتكيت الاجتماعات ، ثم اتكيت الزيارات ثم اتكيت التحية ... الخ .

  

ايمان عبد الواحد خلف