القرآن الكريم نور الله في الأرض، ومصدر العلوم والمعارف والرحمة الإلهية، وهو الثقل الأكبر كما عبر عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديثه المتواتر: (أني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً.. كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض.. وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يرِدا عليَّ الحوض) والقرآن هو الكتاب السماوي الوحيد الذي لم يُحرّف والذي اختتمت به الشرائع بنزوله على خاتم الأنبياء وسيدهم نبينا محمد ليهدي به الله من يشاء لرحمته وقد أكدت الأحاديث الشريفة الكثيرة عن النبي والأئمة المعصومين (عليهم السلام) ــ وهم عِدل القرآن ــ على التمسك به والعمل بتعاليمه والسير على نهجه وحفظه وسبر أغواره ودراسة علومه ومعارفه، وهناك ما لا حصر له من هذه الأحاديث، منها حديثه (صلى الله عليه وآله): (لا يعذب الله قلباً وعى القرآن)، وحديثه (صلى الله عليه وآله): (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
زينب الموسوي طالبة في كلية الطب المرحلة الثالثة، اقتدت بهذه الأحاديث الشريفة واستضاءت بنورها، فسجلت اسمها في سجل حفظة القرآن، ونالت شرف تعليمه وتعلمه.
كانت في عمر الزهور عندما خفق قلبها الصغير على صوت القرآن، فهامت بحبه وتعلقت بدراسته والتجأت إليه، وهي تحتضن في روحها النقية وقلبها المطمئن بالإيمان نية الحفظ وتعلم أحكامه وتجويد كلماته فتردد صوتها بآياته كترانيم ملائكية تحيط الوجود بالرحمة والرضا.
بدأت رحلتها مع القرآن وهي في الثالثة عشرة من عمرها فرحلت إلى ربوعه، وامتدت رحلتها لثمانِ سنوات حفلت بالمسابقات القرآنية، وأثمرت دراستها بالعديد من الجوائز التقديرية التي نالتها عن جدارة واستحقاق بعد جهد جهيد في المواكبة على حفظ القرآن الكريم ودراسته وهي تشعر بالألطاف إلهية والتسديد من الله يساير رحلتها فتحظى بالمراتب الأولى وتحث عبر مسيرتها القرآنية زميلاتها وقريباتها وأختها التي شاركتها نعمة حفظ القرآن الكريم ليحظين بهذه الألطاف الإلهية ببركة القرآن الكريم.
زينب الموسوي تحصد اليوم جائزة المركز الثالث لمسابقة حفظ القرآن الكريم العالمية بمشاركة (83) دولة، بعد أن تأهلت في المسابقة الوطنية بحصولها على المركز الأول على مستوى العراق في حفظ القرآن الكريم, حيث أقيمت المسابقة الدولية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية, وضمت هذه المسابقة حافظين وحافظات من مختلف الدول ومختلف المذاهب، فحملت زينب رسالة القرآن التي تدعو إلى الوحدة الإسلامية ونبذ التطرّف.
ففي هذه الظروف التي تشنّ فيه الماكنة الإعلامية المعادية للإسلام حملاتها ضده مستهدفة قيمه النبيلة ومفاهيمه السمحاء بالتشويه والتزييف والتضليل نتيجة الفكر الوهابي التكفيري الضال الذي زرع الرعب والإرهاب باسم الإسلام، فإن أفضل ما يجب أن نتبعه في هذا الوقت وكل وقت هو منهج القرآن الكريم ومفاهيم حملة القرآن ــ أهل البيت ــ فهم سبيلنا للفوز والنجاة في الدنيا والآخرة.
القرآن الكريم هو أفضل طريق لتحقيق النجاح عبر الاهتداء بنوره في ظل هذا المعترك الصخب والواقع المظلم وهو المحجة البيضاء والصراط القويم. استضاءت زينب بهدى القرآن ونهلت من معينه وتغذت من تعاليمه السمحاء، فأحبت أهل القرآن وبغضت أعداء القرآن الذين حرفوا كلمه وشوهوا تعاليمه وزرعوا الإرهاب في البلاد الآمنة باسمه، فحينما سُألت عن شعورها بالجائزة ولمن ستهدي هذا التكريم قالت بلهجة الواثق: (بأن لا شعور يوازي فرحة النصر وتطهير أرض العراق من آخر آثم تجرأ على حرمة الوطن، وأن هذا الفوز تهديه لإمام زمانها المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ولرجال الحشد وإلى أرواح شهدائنا الأبرار).
كما ولم تنسَ أن تذكر أكثر هدية لامست قلبها وأشعرتها بالسعادة وهي هدية والدتها التي كانت عبارة عن خوذة مقاتل فوضعت الخوذة إلى اليمين اعتزازاً بها والجائزة إلى اليسار لتلتقط معهما صورة تذكارية؛ فإذا بها ترسم لا شعورياً لوحة الكرامة والنصر المبين بالقرآن الكريم.
لم تنسَ زينب تلك الفتاة التي تحلت بخصال نساء أهل البيت في العفة والالتزام والتهذيب دور معلمتها التي رافقتها في رحلتها لحفظ القرآن فعبرت عن امتنانها الكبير لدورها المهم في حياتها والذي أوصلها إلى ما وصلت إليه حيث كانت لها معلمة وأخت وصديقة وشاركتها ما حباه الله به من عطاء قرآني ووعي إنساني وهذه المعلمة والملهمة هي الست انتصار مسؤولة وحدة التعليم القرآني في شعبة التبليغ الديني النسوي التي ترعاها الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة والتي تستقطب وتحتضن المبدعين والموهوبين في مختلف المجالات الدينية والعلمية وتؤسس لجيل واعد يستمد فكره من نهج أهل البيت (عليهم السلام) فكانت زينب إحدى ثمرات شعبة التبليغ لنشر ثقافة القرآن والتحلي بأخلاقه وأدبه.
إيمان كاظم الحجيمي
واحة المرأة
يعنى بثقافة وإعلام المرأة والطفل وفق طرح عصري